الاثنين، 30 غشت 2010

في الواجهة - عمود الإثنين 30 غشت 2010

شفتي اللي مابغيناش
حتى بعد تفجر فضيحة حنيني رئيس بلدية ميدلت التابع لحزب العدالة والتنمية لم أصدق أن الأمر حقيقيز أصدقكم القول, ذهني ذهب إلى فبركة من الفبركات إياها. فلفرط ماقرأت للكثيرين وهم يؤكدون أن هذا الحزب المسكين يتعرض لحملات مغرضو ولعمليات ضرب تحت الحزام وأنه "مسيكين" مستهدف من الجهات إياها, أصبحت أشك في الأخبار السيئة التي تأتي بخصوصه.
لذلك وحين سمعت أن رئيس بلدية ميدلت الإخواني التابع للعدالة والتنمية قد ضبء متلبسا بجرم تتسلم رشوة من صحاب فضاء للألعاب في أحد المعارض التي يشرف عليها المجلس البلدي, قلت لنفسي "وابزاف, عيقو على هاد الناس مساكن". لم يوقظني من شكي هذا إلا شريط الفيديو الذي جال العالم بأسره, والذي ظهر فيه السيد الرئيس وهو يمسح حذاءه بعناية فائقة, ويتابع "غير بودنيه" الحوار الدائر بين الراشي وبين وسيط من أصحاب الحسنات كان يريد أن يرسي المبلغ على مليونين من السنتيمات, في الوقت الذي كان الراشي يريد إعطاء مليون فقط.
الأجمل في الشريط هو حين سيقرر الراشي في حركة مسرحية هائلة أن "يقسم الصبر معا الخوت", فيستل من جيب قشابته (ويلزم أن تكون قشابة البيجيديين واسعة جدا في هذا الموضوع) مبلغ ألفي درهم ليقسمها بين الرجلين ويواعدهما بأن يوافيهما بالمليون الموعود في الرابعة واالنصف زوالا.
بعد انتهائي من مشاهدة الشريط, قلت لنفسي "هاد العفاريت ديال المونتاج مشاو بعيد". فقد أتوا بالرجل, ووضعوا صوته على صورتهو وجعلوه ينحني أرضا لكي يمسح حذاءه مما علق به من تراب, وخططوا جيدا لكي لايبدو أي مشكل تقني يفضح تركيبهم للشريط. ثم عدت وقلت لنفسي "لعلهم استخدموا الفوطوشوب مثلما قال رئيس ميدلت دفاعا عن نفسه, علما أن الفوطوشوب لايستعمل إلا في "الفوطو" أي الصور الثابتة ولا يمتد أثره اللعين للصور المتحركة".
عدت لكي أشاهد الشريط عشرات المرات ولسان حالي يقول "مايمكنش, هوما دايرين لينا حالة فالبلاد: صومو, صليو, ماتمشيوش للمهرجانات, السينما حرام, استهداف الهوية المغربية, كيف كيف هاجمين, التطبيع معا إسرائيل خدام, بناتنا كلهم عاهرات, وزيد وزيد..." وفي الختام يتضح أن الأمر يتعلق برشايوية من الدرجة الدنيا, يمسكون بين أصابعهم مبلغ الألف درهم, ويعدونه رغم أن روقاته الخمس أصلا معدودة, ويجلسون في "الدورة" ينتظرون البقية أي المليون الموعود.
لو تعلق الأمر بصديقنا جورج القرداحي لقلنا "من سيربح المليون؟" لكن الأمر هنا لاعلاقة له بالتلفزيون ولو أن الكاميرا الخفية فعلت فعلتها اللعينة, وتركت "الباجدية"ّ حائرين. ويأتي في الختام أولئك التافهون في التلفزة لكي يقدموا لنا كاميرا خفية مرعبة لاأثر فيها للضحك, ونحن نتوفر على كاميرا خفية حقيقية وجميلة, ومهيأة بعناية نحسد عليها فعلا. حقيقة ماأحوجنا إلى الاستفادة من درس التصوير الهاوي هذا الذي فاق كل الدروس الاحترافية في الأثر.
أولى ردود الأفعال من أصدقائنا وحدها جعلتني أصدق الأمر الجلل. توقيف حنيني من مهامه الحزبية في العدالة والتنمية. خطوة أولى, ثم تصريح الداودي في "مدينة إف إم" "لانريد محاكمة سياسية لهذا السيد". "آش من محاكمة سياسية آلشريف, هادا راه خاصو محاكمة مالية", ولو أن المبلغ دون التوقعات, لكن "هاد الشي اللي عطا الله وداك مول قاعة الألعاب".
لنأت الآن إلى الدروس اللازم استخلاصها فورا: المرة "الجاية" حين يقف أمامكم مستشار من الباجدية عليكم أن تتحسسوا جيبكم. المفروض على الأقل أن تكون لديك ألف درهم لكي تمدها لسماحته قبل البدء في الكلام, وبعد ذلك عليكم أن تتدبروا أمر المليون الموعود لكي يبقى سيادته مرتاحا ولاتقع بينكم مشاكل إطلاقا. هذه واحدة, فما الثانية؟ الثانية هي أن هؤلاء عليهم أن يكفوا عن كسر رؤوسنا بحديثهم الفارغ عن الاستقامة والصلاح, وأن يقوموا بحملة تطهير (الله يرحم ادريس البصري ويغفر ليه) وسط صفوف حزبهم لتفادي مثل هذه المفاجآت غير السارة مستقبلا. الثالثة يجب أن ينسى هؤلاء المهرجانات والفن ورغبتهم في إصلاحنا من الفساد الذي نحن فيه وأن يلتفتوا لإصلاح أنفسهم من فسادهم.
ولكم أضحكتني افتتاحية "التجديد" بعض الفضيحة بأيام حين كتبت مايفيد أن "الحزب ديالنا مافيهش غير الملايكة". أيها السادة الأفاضل, الملائكة لاتوجد إلا في السماء, وحزبكم مثل الأحزاب الأخرى كلها, ومثل الناس جميعا فيه الصالح وفيه الطالح. والخطأ, بل الجرم الذي ترتكبونه هو أنكم وفي ظل عدم توفركم على برنامج سياسي حقيقي تنزلون به عند عباد الله, تستولون على دين بأكمله, تهربونه إليكم وتقولون في الانتخابات إنكم خير من يمثله.
"ها حنا تقنا بيكم", فكيف كانت النتيجة؟ ألف درهم لرئيسكم, ومليون موعود لن يصله أبدا. إيوا شفتي اللي مابغيناش؟
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
دون أي مبرر واضح هاجم رشيد غلام منشد العدل والإحسان المشهور الفنان أحمد السنوسي عبر جريدة القدس العربي واتهمه أنه يحتفي بممنوعيته وأنه ليس ممنوعا و"أنني الفنان الوحيد الممنوع في المغرب" حسب تعبير رشيد غلام .
رشيد غلام اختار لخرجته جريدة سبق وأن كتبت هذا الكلام عن السنوسي مايعن يأن جهة ما كلفته بقوله هذا الخطاب وانتقت له جريدة الجنرال عبد الباري عطوان لتمريره، علما أن غلام يحيي لحد الآن الحفلات الخاصة والعامة في تجمعات الجماعة دون أدنى إشكال

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق