الأربعاء، 22 دجنبر 2010

شخصيات العام

سيختار الكثيرون شخصيات هذه السنة حسب حساباتهم الخاصة, سيتقربون من هذا الكبير, سينافقون هذا النافذ, سيطمع بعضهم في إشهار يمنحه له شخص اختاره لكي يكون شخصيته. سيتمنى الثاني ممن اختاره أن يتذكر باستمرار أنه وضعه على الواجهة وفيها ذات نهاية سنة. سيشرب رفقته كل الأنخاب الممكن تصورها على شرف هذا الاختيار, وسيقولان لبعضيهما إنهما فعلا أحسنا الاختيار.
البعض الآخر سيختار سياسيين يهابهم, سيهديهم الألقاب المجانية, تلك التي لاتكلف من يمنحها شيئا. سيهمس في أذنه أن المنافسة كانت قوية وأن الاختيار وقع عليه بعد جهد جهيد. سيبتسم من وقع عليه الاختيار, وسيقول لنفسه إنه يستحقها, وأن الصبر جيد مادام في الختام يحمل لقبا مثل هذا سيمضي الستة أشهر الأولى من السنة في تأمله, وسيمضي الستة أشهر الأخرى في التنبؤ باسم من سيخلفه فيه.
سيختار آخرون رجال مال وأعمال يعتقدون أن اختيارهم سيجلب عليهم بعض النفع المادي العابر. ستختار جهة أخرى من يبدو لها الأقدر على حمل هذا اللقب إن صدقا أو نفاقا, وكل من سيقومون بهذا الأمر خلال كل هذا الأسبوع سيحاولون إقناع أنفسهم أنهم كانوا مصيبين في الاختيار, وأنهم وضعوا اليد فعلا على الرجل أو المرأة الذي أو التي طبعا السنة بميسمهما, وسينتهون.
من جهتنا سنشذ عن القاعدة. هذه السنة سنختار أحد عشر شخصية لكي نقول عنها إنها شخصية العام. في الواقع هم ليسوا شخصيات بالمعنى الحرفي للكلمة. هم أناس عاديون جدا لم يكن أحد يعرفهم قبل شهر نونبر الماضي, ولن يتعرف عليهم أحد بعد هذا التاريخ لأنهم بكل بساطة فادحة رحلوا.
أسماؤهم هي الشيء الوحيد رفقة ذكراهم ماتبقى لأهلهم, وهذه دعوة لنا جميعا لكي نجعلهم شخصيات هذه السنة لأنهم فعلا يستحقون. هم: 
 نورالدين أودرهم, 
 محمد علي بوعالم,
, ياسين بوكطاية
 ,عبد المومن النشيوي
 , أولعيد أيت علا
 ,بدر الدين التراهي
 , عبد المجيد أدادور
, بلهواري أنس
, بن الطالب لختيل
 , محمد نجيح
 ,علي الزعري
هم كالإخوة لنا, أو كالأبناء. فقدناهم خلال تفكيك مخيم كديم إيزيك بالعيون المغربية, تركناهم هناك أخبارا سمعناها, قبل أن نتأكد مجددا أن من رأى ليس كمن سمع ونحن نكتشف مشاهد التقتيل البشع التي تعرضوا لها. فهمنا حينها أنه من الصعب عليك أن تكون مجرد مواطن عادي في بلد مثل بلدنا. أن يلقي بك مسؤولوك دون سلاح في أتون نار حامية, وأن يشددوا عليك في التعليمات "لاتطلق النار", ثم أن يذكروك أنك حتى وإن أردت ذلك لاتتوفر على ماستطلق به هذه النار اللعينة.
يقولون لك وأنت تحمل تلك العصا الخشبية المضحكة التي منحوك إياها "ضرب غير بالشوية, راه جمعيات حقوق الإنسان حاطة علينا". تتساءل حينها وأنت ذاهب إلى حتفك برجليك إن كانت هذه الجمعيات البليدة ستذكر إسمك بعد الرحيل, أم أنها ستعتبرك مجرد قربان تجوز التضحية به لأنه محسوب على القوات العمومية, أي أنه لايحق لك بعد أن تموت أن تحتج لأن أحدا لن يذكرك. تتذكر حينها من تركتهم في "البلاد" في القرية أو في المدينة. تتوالى وجوه أحبتك أمام عينيك وتسأل نفسك مجددا _ لأنك وحيد إلا منها _ إن كنت ستراهم ثانية أم لا. تقرئهم الكثير من السلام داخليا, وتقول على عادة المؤمن إذ يتأكد أنه راحل بأنه من غير المعقول أن يكون الوداع هكذا, وأن يوما آتيا بلا ريب ستلتقي فيه بكل من لم تتح لك فرصة توديعهم في ذلك اليوم الحزين.
تلملم جراحك وتتكئ عليها, وتفتح عينيك بعد عناء شديد, فتجد أمامك شخصا يحمل سكينا كبيرة يريد ذبحك بها. تتصور أنك تحلم, تحس بالشفرة حادة للغاية تجتاح مسام العروق الأخيرة منك. تقول إن هذا الكابوس ملزم بالتوقف حالا. تحس بخدر لذيذ, تفقد بعده الإحساس بكل الأشياء. تبدو لك الحياة ذاهبة إلى غير رجعة, فتقول لنفسك إنك تموت, وأن هذه هي النهاية. تقفل عينيك آخر مرة على مشهد الصحراء التي ربوك في المدرسة على أنها مقدسة, وأنت تمنحها الروح, فتهدي لنفسك برقية العزاء الأخيرة وأنت تقول "على الأقل ذهبت شهيدا لهذا الوطن".
للذكرى وللتاريخ, ستبقى. البعض سيسميك شهيدا, البعض سينظم دوريات الكرة باسمك, البعض الثالث سينساك قبل أن تغرب شمس اليوم الذي رحلت فيه. وحدهم أولئك المكتوون حقا بألم رحيلك سيتذكرونك حتى الختام. تلك التي منحتك الحياة أولا والتي ستظل بالنسبة إليها الجرح النازف الذي لن يندمل أبدا. الآخر الذي رأى فيك خلفه على هذه البسيطة, والذي خنته بهذا الرحيل القاتل. الأخوة, صغارهم الذين كانوا ينتظرون منك أي التفاتة قصد رتق ماتشاء من ثقوب الحياة, والكبار الذين كانوا يرون فيك الصغير الذي أصبح من القوات العمومية يحمي البلاد والعباد, ثم الأبناء والزوجة طبعا.
وحدهم سيتذكرونك. وحدهم سيرونك كل مرة ارتد فيها إليهم طرفهم. وحدهم ونحن معهم في هذا اليوم سنقول إنك تستحق أن تكون شخصية السنة حتى وإن كان الاختيار غير مألوف, به سنتذكرك وكفى, وهذا فعلا أضعف الإيمان.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
اتفق المغرب والبوليساريو على تسريع وتيرة المفاوضات بينهما إثر اللقاء الأخير في مانهاست, وهو الاتفاق الذي يرى فيه الجميع بقاء الوضع على ماهو عليه, مادامت البوليساريو والمتحكمة في قرارها الجزائر غير راغبتين نهائيا في التقدم الحقيقي بهذه المفاوضات إلى مجالات توافق حقيقية بين مختلف المتدخلين في هذا الملف.
مشروع الحكم الذاتي هو فعلا آخر مايمكن للمغرب التقدم به في هذا الملف, ومساندة المنتظم الدولي لهذا المشروع يعني أن لالوم على الجانب المغربي في تعثر هذه المفاوضات أو توقفها حيث أرادت لها الجزائر الجمود.