الاثنين، 23 غشت 2010

في الواجهة - عمود الإثنين 23 غشت 2010

فيسبوكيات رجل مجنون
أضحكني كثيرا رد فعل أحد الصغار المنتمين لحركة "مالي...يانا ماعندي زهر" المعروفين اختزالا لدى الشعب المغربي باسم "وكالة رمضان" بخصوص ملاحظة عابرة آدرجتها سابقا وقلت فيها إن نقاش إفطار رمضان هو ترف فكري ليس من حق شعب مثل شعبنا لديه من مشاكل الكون الحقيقية مايكفيه لكي يدخل في نقاش حول من يريد ملء بطنه والاستجابة لشهوة فرجه في نهارات رمضان.
صديقنا، وأنا أقول هنا صديقنا مجازا لأنني لاأعرفه، كتب ينصحني بأن "أحشم" مؤكدا أن "عهد المقالات المملاة عبر الهاتف قد انتهى"، وأن "المخزن ماأن ينتهي مني حتى سأصبح عالة على المجتمع ولن أجد من سيؤدي لي ثمن بيرة سبيسيال في الماجيستيك" "علاش سبيسيال بالتحديد؟ وعلاش الماجيستيك؟ مانعرف"، وأضاف على سبيل الختم غير الموفق كثيرا أنني "اشتغلت موظفا في مكتب الاتصال الإسرائيلي وأنني صحافي دابا فالأحداث". انتهى كلام صديقي الجديد.
مامعنى كل هذالهراء؟ معناه أن النقاش الحر والمفتوح والمنفتح والمتفتح لازال بعيدا عن أرنبة أنوفنا في هذا المجتمع المسكين إلى أجل غير مسمى. هؤلاء شباب يخرجون على المجتمع بحركة يقولون عنها إنها مجتمعية، ويتبنون أفكارا غاية في الحداثة من خلال شعاراتها لكنهم يسقطون في أول امتحان عملي وصغير في نقيض أقوالهم، ويرسبون في امتحان القبول بالرأي والرأي الإخر، ويكشفون عن وجه مظلم وظلامي فعلا لأن الظلامية ليست رسما تجاريا خاصا بالأصوليين، بل هي ماركة فكرية قد تلتصق بكثير من الحداثيين المزعومين الذين يتبنون الشعارات فقط من الحداثة ولايعرفون عنها شيئا على الإطلاق.
لن أفعل مثلما فعل الشيخ عبد الباري الزمزمي حين وصف هؤلاء في الجزيرة القطريرة بأنهم "حالات مرضية" ، لأنني لاأؤمن بهذا النوع من الحوار. بالمقابل لاأجد أي حرج في الرد عليهم وإعادتهم إلى حجمهم الطبيعي لأن "التروينة" التي انخرطوا فيها وهم يعتقدون أنهم يمارسون التدوين الإلكتروني، والتفات البعض إليهم في لحظة من اللحظات جعلهم يعتقدون أنهم آشخاص مهمون وأنه يمكنهم أن يسبوا من أرادوا واتهامه متى شاؤوا ذلك مستغلين رحابة صدر الشبكة العنكبويتة التي تنشر لأغلبهم بعد أن رفضت الصحف والمجلات التي تحترم نفسها وتخضع لضوابط وأعراف مهنية أن تحتضن ترهاتهم.
بالنسبة لي - وسمحو لينا على هاد الغرور عاوتاني - لامشكل لدي أن يسبني هؤلاء وأن يقولوا عني إنني اشتغلت موظفا في مكتب الإتصال الإسرائيلي، علما أنه من الممكن ببساطة أن أذهب إلى أرخص محامي موجود في المملكة "مايكونش عندو حتى البيرو"، وأكلفه برفع دعوى ضد الشخص الذي كتب هذا الكلام مطالبا إياه بإثبات ماكتبه على موقعه في الفيسبوك وسأفعل به حينها ماأشاء لأن الأمر كاذب، لكنني من النوع الذي لايحبذ الذهاب إلى المحاكم في الرد على البوليميك.
عوضها أفضل أن أجيب رجلا ل...رجل، وأن أدفع بالتي هي أحسن وأحيانا مع أمثال الصديق المذكور بالتي هي أسوء فإذا الذي بيني وبينه عداوة كأنه ولي حميم أو كأنه من النوع الذي تلقمه حجرا كلما عوى.
لذلك أقول لصديقنا وعبره لكل أصدقا'نا في الحركة الشهيرة باسم وكالة رمضان إن المشكل الأساسي الذي يعاني منه المغرب ليس صوم شهر رمضان، ولكنه صوم بعض الناس الذين لايميزون بين أفعالهم، والذين يحملون من الأوصاف عند العامة والخاصة وصف "المسطيين".
ما الذي سيضيفه للمغرب والمغاربة أكل رمضان أو صومه؟ ما الذي سيغيره من حالة شعبي الفقير العاطلل المستباح المهلوك والمغلوب على أمره أن ينتزع لنا هواة المعارك الغبية والدنكيشوطية انتصارا جديدا يسمح لهم بالقص خلال نهار رمضان؟ أعرف بعض الخبايا الصغيرة عن المعركة التي خاضها هؤلاء السنة الفارطة، وسبق وأن كتبت إن من حق "أي منطيح" أن يفعل في نفسه ومعتقداته مايشاء، وأن نقاش الحريات الفردية هو كل لايتجزأ. لكنني اكتشفت أن الأمر لايعلق بنقاش حريات فردية ولا بأي هراء من هذا القبيل. المسألة ومافيها هي صبيانيات صغيرة لامعنى لها استلها البعض في لحظة من اللحظات لكي يلعب بصغار الحركة لعبته قبل أن يختفي وبقي بعض المهابيل مثل صديقنا ممن لايجدون مايفعلونه في أوقات فراغهم الطويلة ، بل والطويلة جدا ، مقتنعين أن الأمر يتعلق بمعركة فعلية وكبرى عليهم أن يخوضوها لكي يغيروا شكل مجتمعنا.
إلى هنا لاإشكال، "دراري كيلعبو وصافي" فأين تبدأ الخطورة إذن؟ تبدأ حين تتلقى وسائل إعلام تبحث للمغرب عن "سبايبو" مثل الجزيرة أو غيرها اللقمة سائغة وتقرر أن تلعب بهؤلاء لعبتها المفضلة: آن تنقل للعالم العربي صورة غير حقيقية عن بلدنا جعلت أصدقاء لنا في الخليج يسائلوننا "هل يوجد بالمغرب اليوم معركة من أجل إفطار رمضان علنيا؟" بعد أن وصلتهم أصداء هذا النقاش الكاذب الذي لاوجود له على أرض الواقع نهئيا.
هنا بالتحديد نشرع في طرح السؤال عن حدود العقل والحمق فيما يقوم به البعض، ونضطر لكي نقول لأنفسنا إن أعمال العقلاء التي تصان عن العبث تلزمنا ختاما بأن نبحث عن حل ما.
الحرية نعم، لكن السفه لاأحد يستطيع القبول به، خصوصا عندما يتحول السفه إلى مدونة إلكترونية تنز (آي تسيل باش يفهمها صاحبنا ) على رؤوسنا جميعا بذاءات وحماقات وأشياء أخرى من نفس القبيل.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
صراع وهمي جديد تدخله مسلمة مع جهاز تشتغل به بسبب لباسها من خلال القصة المضحكة المبكية لإيمان بودلال الموظفة المغربية بديزني لاند التي خلقت الجدل بسبب إصرارها على وضع سترة رأسها. متى ستفهم بعض المسلمات أن الحركات المتطرفة تلعب بهن لعبة مقيتة من خلال دفعهن إلى معاداة العالم وخلق مواقف كراهية معه بسبب لباس لم يرد أي نص قطعي بخصوص وجوبه في القرآن الكريم أو السنة النبوية؟ متى؟ الله أعلم حقا.
في انتظار ذلك مرحى بالمزيد من الحروب الفارغة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق