الاثنين، 16 غشت 2010

في الواجهة عمود الإثنين 16 غشت 2010

الورثة ودارهم
البعض انتقد كتابتنا السبت عن سيتكوم دار الورثة, واعتبر أن العمود ينبغي أن يظل "للقضايا الكبيرة". أعتذر بشدة, لكنني ضد هذا الرأي تماما, وأنا من المقتنعين تماما أن أهم المواضيع الكبرى في عالم اليوم هو التلفزيون والبرامج التي يقدمها التلفزيون. فقد أصبحت لهذا الجهاز سطوة تفوق حدود التصور, وأضحى متحكما فعليا في تسيير الجموع, خصوصا إذا كانت هذه الجموع "مامبلياش بالقراية", وتفضل مثلما هو حال المجتمع المغربي أن تتصفح كل الجرائد المغربية مجتمعة في المقهى بثمن المشروب الذي تحتسيه, وكل الكتب التي تشتريها هي الكتب المدرسية التي يفرضها المعلمون والأساتذة على التلاميذ والطلبة إبان كل دخول مدرسي.
من هذه الناحية لا التباس, والتلفزيون من خلال البرامج التي يعطيها الواجهة في شبكاته يعطينا تصورا عن نوع المواطن المشاهد الذي نتحدث عنه وإليه, ويمكننا من التعرف على من نتوجه إليهم أو من نكتب عنهم باستمرار. قلنا في عمود السبت إن السيتكوم الذي جعله تلفزيوننا المحلي نجم الأعمال الرمضانية هذه السنة قد استوفى منذ السنة الماضية كل مواضيعه, مايعني أن منحه الجزء الثاني هذه السنة, كان مغامرة غير مأمونة العواقب, دخلتها التلفزة بتوريط من مسؤولين فيها بغرض عدم البحث عن جديد حقيقي يستحق البث هذه السنة في ذروة فترات المشاهدة في رمضان.
المشكلة الحقيقية هي أن التكامل الذي أنشئ القطب العمومي من أجل الوصول إليه تم فهمه بشكل مغلوط تماما. ففي الوقت الذي يتم فيه بث "دار الورثة" على "الأولى" تبث القناة الثانية "ياك حنا جيران", والغرض هو فسح المجال بشكل نهائي وغير مهني للقناة الأولى لكي تحقق نسبة مشاهدة أفضل من الثانية. المنطق يقول إن التكامل التلفزيوني بين قنوات القطب الواحد هو منح طبق متعدد الأذواق والمذاقات للمشاهد لكي يختار فيما بين المتوفر فيه. بمعنى آخر أكثر وضوحا, المنطق السليم يقول إنه في اللحطة التي تبث فيها القناة الأولى ماتصفه بالسيتكوم الفكاهي من الممكن لدوزيم أن تقدم مسلسلا دراميا إذا كانت ترغب في الابتعاد تماما عن مجال الفكاهة الرمضانية القسرية مثلما قرر ذلك منذ السنة الماضية مديرها سليم الشيخ .
لكن مانلاحظه لاعلاقة له بتكامل من خلال تقديم كل الأطباق للمشاهدين لكي يختاروا بينها, ولكن له العلاقة فقط بتقديم عمل لن يشاهده الناس فقط من أجل تمكين العمل الذي يبث في القناة الأخرى من أكبر نسبة مشاهدة ممكنة. لفهم المسألة جيدا يمكن إعطاء مثال "للا لعروسة" الذي تم إفراغ الفترة الزمنية التي يبث فيها على القنوات الأخرى من أي شيء يمكن أن يثير المشاهد المغربي, والهدف هو أن تقول الإشهارات الكاذبة التي يتم توزيعها على كل من يقول "آمين" إن البرنامج حقق أعلى نسبة مشاهدة في تاريخ التلفزيون المغربي.
بهذه الوتيرة لن نحل الإشكال الذي يعانيه تلفزيوننا. بهذه الوتيرة سنزيد المشكل تعقيدا, وسنجد أنفسنا في لحظة معينة ملزمين بمنع القنوات العربية والأجنبية التي تبث برامجها تجاه بلدنا فقط من أجل أن نصل إلى نسبة مشاهدة كاذبة ومنفوخ فيها, ولا تعكس حقيقة الوضع التلفزي في البلد. ذلك أننا إذا كنا نستطيع لي يد وعنق الحقيقة في بلادنا وإجبار مسؤولي القناة المنافسة والتابعة في الآن ذاته للقطب على رمي "الفوطة", وإعلاء الراية البيضاء إيذانا باستسلامهم, فإننا لانستطيع القيام بشيء مع القنوات العربية التي تلتقط برامجها في بلدنا.
هؤلاء أناس مقتنعون تماما بأن البقاء للأصلح, وبأن البرنامج الجيد يطرد البرنامج الرديء, والسلسلة الضاحكة حقا تقتل بسرعة السلسلة المرتجلة والتي تم إعدادها بشكل مشوه للغاية, والمسلسل الدرامي المكتوب والذي تلعب بطولته الأسماء الكبرى في المشهد التلفزيوني العربي سيتمكن بسهولة من المسلسل الدرامي الغائب أصلا وغير الحاضر في تلفزيوننا المحلي. لذلك مع هؤلاء لاسبيل للتفاهم إلا بإعداد برامج جيدة, وتطبيق مثل المغاربة الشهير "كون سبع وكولني". أما عدا ذلك فسيتعرض تلفزيوننا للهزيمة الشهيرة التي يتعرض لها كل شهر صيام, والتي نخفيها جميعا بالتركيز على نسب المتابعة والمشاهدة خلال ساعات مابعد الإفطار دون أن نضع في اعتبارنا أن المشاهد المغربي يمضي بقية ساعات النهار كلها في التلفزيونات الأجنبية.
في لقاء سابق حول التلفزيون وبرامجه قال أحد المتدخلين إن التلفزيون مجرد مرآة للمجتمع, لذلك عليكم قبل أن تشرعوا في سب وانتقاد برامج رمضان أن تتأملوها جيدا, لأن من يخططون لكم مشاهداتكم يعتقدون أنهم يقدمون لكم وجهكم الحقيقي عبرها. ولكم أنتم طبعا واسع النظر في أن تقبلوا بحكمهم هذا وتعتبروه صادقاو أو أن تعلنوا تمردكم على هذا الرأي, ولو بتغيير المحطة حين بثها لرداءة ما, عوض التفرج عليها وسبها رغم ذلك...ستكونو شبيهين حينها بورثة يتصارعون حول دار لن يملكها أي منهم في يوم من الأيام.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
الأمر الذي أصدره العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز بقصر الفتوى على هيئة كبار العلماء ثورة صغيرة لكن حقيقية في المملكة، لكنه أيضا أمر يمس كل الدول المنتمية للعالم الإسلامي التي يريد الكثيرون فيها أن ينقلوا إلينا حمى الإفتاء التي لاتستند على أساس والتي تجعل العالم كله يضحك منا حين يمسعنا نفتي بجواز قتل ميكي ماوس، أو جوز إرضاع الكبير أو جواز شرب بول البعير، وقس علر ذلك ماتشاء.
ربما فهم البعض هنا معنر القرار السعودي الأخير، وقرر أن يترك هذه المهمة لمن توكل عليهم عن حق لا عن "سنطيحة" ممن يعرفهم الجميع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق