الثلاثاء، 24 غشت 2010

في الواجهة - عمود الثلاثاء 24 غشت 2010

ماكنبغيوش الحق!
ثورة حقيقية في الأنترنيت هذه الأيام. مصطلحات عزة وكرامة "غير كتتشتت", تهديدات ووعيد للكويتيين ولحكامهم ولقنواتهم التلفزيونية. غضب مغربي عارم من برنامج "بوقتادة وبونبيل" الذي تبثه قناة "الوطن" في الكويت خلال الشهر الفضيل. سبب الضجة؟
حلقة من البرنامج تطرقت لفتح الأندلس تناول فيها كتاب الحلقة بشكل ساخر العلاقة التي تجمع الخليجيين بالمغرب وأساسا بالمغربيات. مالذي طرحته الحلقة وأثار كل هذا الحنق المغربي؟ في الحقيقة لاشيء مما يمكن اعتباره جديدا أو كشفا حديثا عن أشياء خطيرة. يأتي الكويتيون إلى المغرب, يتوزعون بين طنجة وأكادير والدار البيضاء, يرشون ضابط الأمن في المطار الذي لايتحدث إلا لغة "الألفين درهم". يلتقي إثنان منهم بمغربيتين, يصطحبانهما إلى المنزل, وتحت أنظار أمهما تقوم المغربيتان بوضع السحر في الشاي الذي يقدمانه للكويتيين لكي يتزوجا بهما.
بااختصار كليشيهات من تلك المعروفة عن الخليجيين وعلاقتهم بعالم الليل في المغرب, وهو عالم موجود وأصغر طفل في بلدنا يعرف عنه الشيء الكثير مما لايمكن أن نحجبه بعبارات السب والشتم والاحتجاج. أكثر من هذا الأمر يتعلق ببرنامج ساخر, فكاهي, ضاحك, كوميدي, والفكاهة أو الكوميديا لاتستقيم إلى إذا ضحكت من كل شيء, وأساسا من الأشياء المثيرة للجدل, من الدين, من الجنس (مثل حلقة بوقتادة وبونبيل) ومن السياسة. وكان الأولى بنا أن نتوفر في تلفزيوننا على برنامج ساخر مماثل نخصص حلقة منه _ إذا رأينا أن ذلك أمر مهم للغاية _ لكي نسخر بدورنا من تصرفات إخوتنا الخليجيين في بلادنا الذين نطلق عليهم دون أدنى حرج وصف "الحوالا" ومريضنا ماعندو باس.
لكننا للأسف الشديد ابتلينا بعقلية رقابة غريبة, ترى الإساءة في كل مكان, وتعتقد أن الحل الأفضل هو قطع الألسن ولجمها, وعدم السماح للآخرين بالضحك مثلما يمنع الضحك لدينا. أتحدث هنا عن الضحك الحقيقي, لا الضحك المسموح به من طرف عباقرة إعلامنا البصري. ولنا اليوم أن نطرح السؤال فعلا: كيف يعقل وهل يعقل أن تكون لدولة الكويت وهي دولة محافظة مقارنة مع المغرب حصة تلفزية للسخرية اللاذعة تثير كل هذا الاحتجاج في العالم العربي, ولا نستطيع نحن عبر تلفزيوننا إلى تقديم الرداءات الفارغة واعتبار "الشاف جواج" قمة الكوميديا في زمننا المغربي الرديء؟
علينا فعلا أن نستفيد من درس البرنامج الكويتي هذا لكي نطرح على نفسنا سؤال "الإعاقة التلفزيونية" الذي نعيشه, ولكي نسائل ذواتنا حول مانفعله نحن في هذا المجال الذي قطع فيه الآخرون مسافات شاسعة عنا وتركونا للبكاء والنحيب والعويل "راهم كتبو علينا خايب, راهم دارو ععلينا برنامج مامزيانش فالجزيرة, راهم ضحكو علينا فالقناة الكويتية, راهم شوهونا فمجلة فرانساوية". طيب, هم قاموا بكل هذا ويزيد, فما الذي فعلناه نحن كفعل وليس كرد فعل؟ أين تلفزيوننا من حرب السمعة هذه؟ أين الإضافة التي تقدمها كل القنوات المغربية مجتمعة لكي تقدم لمشاهدها المحلي مايغنيه عن مشاهدة الأجانب وسبهم بعد المشاهدة؟ أين السخرية الذاتية من مشاكلنا ومن همومنا ومن القضايا المجتمعية التي نعرفها جميعا في تلفزيوننا؟
للأسف الشديد لايوجد, غائب, ماكاينش. في تلفزيوننا من الممكن أن يلبس الذكور لباس الإناث, ومن الممكن أن نقدم قصصا تفتقد لكل الروابط بينها عن عائلات وهمية تتصارع حول الرياضات, أو حول جيران يأتون من هولندا إلى المغربو أو حول تفاهات من هذا القبيل ضحك منها العالم بأسره في الستينيات والسبعينيات وانتهى منها تماما, والتفت لكوميديا الموقف, ولكوميديا الواقع السياسي والاجتماعيو وللكوميديا التي تخاطب في الناس ذكاءهم لا أشياء أخرى نحن لانعرفها بكل تأكيد.
هذا الانفصال بيننا وبين عالم اليوم هو الذي يخلق لنا مثيل هذه النقاشات المضحكة التي تابعناها بعد برنامج قناة "الوطن" الكويتية". "وبيناتنا دابا" من حق المواطن المغربي أن يحس بالغضب لرؤية مثل هذه البرامج على شاشات أجنبية, لا لأنها تمس كرامته أو كرامة بناته مثلما تقول الأسطورة الكاذبة, ولكن لأنه لايتوفر على تلفزيون قد يقدم له بعض التوازن المفروض. أن يحس بأن لديه شيئا قد يرد به على مايراه عند الأجانب إذا ماأراد ذلك.
هذا هو المشكل الحقيقي بيننا وبين تلفزيوننا: أنه يعطينا الإحساس أننا لاظهر لنا يحمينا من الأجانب إذا ماأرادوا يوما بهدلتنا على افتراض أن ماقامت به قناة الوطن هو فعل بهدلو لهذا الشعز لذلك نرى المغاربة يحتدون حين يرون "الجزيرة" القطرية تركز على مساوئ بلدهم فقط. لذلك أيضا يغضبون حين يشاهدون في قناة فرنسية أو أمريكية أو إيطالية روبرتاجا مهنيا فعليا وتلفزيونيا حقيقيا حول ظاهرة من ظواهر بلدهم كان من الممكن أن يتناولوها همو لكن مسؤولينا تركوها للأجانب لكي يفعلوا بها مايريدون.
مشكلتنا إعلاميا اليوم إحساسنا كشعب أننا بلا ظهر يحمينا. وهذا الشعور, "خايب بزاف". هذا كل مايمكن قوله الآن على الأقل....
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
نقلت بعض مواقع الأنترنيت خبر عبارة وردت على لسان أحد حراس جلالة الملك لشاب من مدينة سلا من الذين يترقبون مرور جلالته لكي يسلموه طلبات ورسائل مما يعرفه الخاص والعام في المغرب. العبارة التي قالت مواقع أنترنيت إن حارس جلالته قد قالها للشاب هي عبارة "تحرك لمك من هنا"، وهي تضاف لعبارة سبق أن استعملها حارس آخر في حق سيدة تبعت سيارة ملكية فكان نصيبها هو وصفها من طرف الحارس بوصف شائن للغاية يمس شرفها.
حراس جلالة الملك يجب أن يراعوا خصوصية مهنتهم، وأن لايقعوا في استعمال عبارات مخلة بالحياء أو غير مؤدبة لأن مكانتهم لاتسمح لهم بذلك إطلاقا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق