الأربعاء، 29 شتنبر 2010

هاكا ولا ماشي هاكا؟

طرحت قضية المذيع عبد العزيز ريباك وتريث الهاكا في إصدار موقف حولها إلى حين تبين الأمر جيدا, نقاشا كبيرا داخل الحقل الإعلامي يتعلق بالسلطات الفعلية التي تمتلكها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري على القطاع. لايتعلق الأمر مثلما أشار إلى ذلك مازحين زملاءؤنا في الصفحة الساخرة حين كتبوا قائلين إن "أحمد الغزالي يخاف من فيصل العرايشي لذلك لم يصدر قرارا ضد قناته إلى حد الآن"و ولكن يتعلق بالسؤال الجاد والجدي حول قدرة الهاكا فعلا على فرض صوتها داخل المشهد الإعلامي العمومي سمعيا وبصريا.
وصلنا اليوم حسب العديدين إلى المرحلة التي كان ينبغي فيها على قنوات القطب العمومي أن تكون قادرة على فرض آليات تقنين ذاتية خاصة بها لاتلزمها كل مرة بانتظار قرارات الهاكا إثر كل نازلة وقعت أو استجدت. فالأمر يتعلق بقناة أم بلغت الأربعين من عمرها وتجر وراءها تجربة لايستهان بها كان من المفروض أن تكون قاطرتها نحو الحسم مع عدد من القضايا والنوازل التي تقع لها. لكن مانلاحظه اليوم هو العكس تماما: المتتبعون لازالوا ينتظرون من الهاكا التعبير عن موقفها, والقيام بعمليات ضبط وربط داخل الجهاز الإعلامي العمومي, والقناة الأولى وقنواتها المتفرعة عنها لازالت عاجزة عن تقنين نفسها بنفسها, مع احترام كل الصلاحيات المخولة للهيئة ولوضعيتها.
أكثر من هذا _ وهذه مسألة يعرفها المتتبعون جيدا _ تطرح العلاقة بين القطب العمومي وبين الهاكا أسئلة عديدة على مستوى قضايا أكبر بكثير من قضية عبد العزيز ريباك التي لاتعد إلا خطأ بشريا عابرا لايمكن تحميله أكثر مما يحتمل. مثلا في قضية احترام دفتر التحملات هناك أكثر من سؤال يطرح على علاقة الجهتين, وفي مسائل خاصة بالتحديد, مثل قضية التعددية السياسية التي أصدرت الهاكا بخصوصها تقارير كثيرة تقول آن حزبا معارضا أو يفترض أنه في المعارضة مثل "البام" يحظى بأكبر نسبة تغطية لأنشطته أكثر من الأحزاب الممثلة في الحكومة.
مصادر في الهاكا قالت إن الهدف من وراء إصدار تلك التقارير كان هو دفع الأحزاب السياسية إلى خلق نقاش حول موضوع التعددية السياسية في التلفزيون والإذاعة وحول احترامها الحقيقي من طرف الجهازين معا, مثلما كان الهدف هو فتح نقاش عام حول المسألة في الشارع وفي الصحافة المغربية, لكن شيئا من كل هذا لم يقع, وبقي التقرير علامة على أن ثمة خللا كبيرا يطبع العلاقة بين مقنني إعلامنا وبين أبرز الفاعلين فيه.
وإذا أردنا المزيد من التدليل على "فداحة" العلاقة بين الجهتين, فسنجد أن السؤال حول إمكانية فرض الهاكا لاحترام هذه التعددية السياسية على القناة الأولى, هو سؤال قاتل للغاية, ويكشف عن حدود عمل هذه الهيئة وحدود صلاحياتها؟ هل تستطيع مثلا أنم تجبر التلفزيون المغربي على احترام التعددية السياسية فعليا؟ هل تتسطيع أن تجبره على تغيير خطه التحريري الخاص من نوعه في هذه النقطة بالذات؟ هل يمكنها أن تفرض احترام التمثيلية الفعلية للقوى والأحزاب السياسية داخل الرقعة التلفزيونية المحلية؟
للأسف الشديد غير ممكن, وطرح السؤال يبدو اليوم بمثابة تعجيز لهيئة الرجل الحكيم فعلا لا قولا فقط أحمد الغزلي الذي يجد نفسه مكلفا بمهمة غير قابلة للتطبيق عمليا في المغرب اليوم. حتى الإشهار خلال رمضان مثلا _ والكلام لمصادر عليمة في الهاكا _ وضرورة احترام التوقيت المسموح به قانونيا أي الثمانية عشر دقيقة المنصوص عليها لم تستطع الهاكا فرضه إلا بعد أن وقفت عند النقطة والفاصلة وتابعت الموضوع يوميا, وهو ماجر عليها نقمة القناتين الأولى والثانية اللتان وجدتا نفسيهما محرومتين من مال تعتبران أنه رزقهما, حتى وإن كان آتيا بانتهاك قانوني فعلي لقانون ولدفتر تحملات صادقت عليه القناتان معا.
السؤال الأكثر إلحاحا الآن هو ذلك المتعلق بقدرتنا على السير قدما بهذه الوضعية النشاز بين الجهتين. بالتأكيد لن يشتكي الغزلي علنيا أبدا من هذه الوضعيةو وبالتأكيد لن يقول العرايشي في يوم من الأيام إنه لم يعد راغبا في استمرارها لأنها تصنع راحته, لكن المتتبعين الذين حملوا في وقت من الأوقات هم تحرير فعلي للقطاع السمعي البصري يكتفون اليوم بمعاينة الخسائر ولسان حالهم يردد ماقاله درويش ذات زمن آخر في سياق مغاير تماما " ماأكبر الفكرة, ماأصغر الدولة".
ذلك أنه بين الفكرة المحركة لتحرير القطاع التي شكلت حلما كبيرا في أذهان العديدين, وبين ماتم الاستقرار عليه حتى الآن من مكاسب لهذا القطاع, تبدو المسافات الشاسعة والبون الكبير الذي يخبرنا أننا في المغرب علماء حقا في إضاعة الفرص التاريخية التي تتاح لنا لإصلاح قطاعاتنا المنكوبة. وقطاعنا الإعلامي على رأسها في مسألة النكبة هاته لأسباب لاتخفى على حصيف مما لاداعي للإطناب فيه مجددا, إذ يكفي للتأكد من الأمر إشعال جهاز التلفزة, قبل العودة إلى إطفائه تماما.

الثلاثاء، 28 شتنبر 2010

النهار ديال الملك

أقرأ باستمتاع هذه الأيام رواية عبد الله الطايع الجديدة "يوم الملك" وإن كنت أفضل أن أترجم عنوانها إلى المغربية ليصبح "النهار ديال الملك" لكي يكون العنوان أكثر وفاء لما تحمله الرواية. عبد الله الطايع صوت أدبي جديد في المغرب استطاع في الأعمال السابقة التي قدمها أن يثير الانتباه إليه لأن لديه نفسا حكائيا لاينقطع, وهو يسير على المنوال ذاته في العمل الجديد الذي حمله بكل الممكنات التي قد نتصورها لحمل هذا الحلم الكابوس الذي عاشه المغاربة لسنوات إلى القارئ الذي قد يطلع على رواية "النهار ديال الملك".
في هذه الرواية يحمل الطايع قارئه نحو الحسن الثاني, الملك الذي لازال ظله مسيطرا على المغرب إلى اليوم, ويقدم عبر حكاية بسيطة يبحث فيها "أنا الرواية" عن أمه التي غادرت بيت الأسرة حكاية مغرب لازال عاجزا إلى اليوم عن تصديق الفكرة التي تقول إن الحسن الثاني قد مات. هل توفق الطايع في نقل الصورة مثلما هي؟ هل نجح في إعادة الحلم المتكرر بالوصول إلى الحسن الثاني وتقبيل يده أم لا؟ هل عادت أم "أنا الرواية " إلى البيت؟ كلها أسئلة سيجد قارئ "النهار ديال الملك" الإجابة عنها, لكن الأهم منها هو السؤال الأكبر عن ظل الحسن الثاني في المغرب اليوم الذي استطاع عبد الله أن يلتقطه بذكاء وأن يحوله إلى موضوع رواية بالكامل.
يستغرب العديد من القراء اليوم أن تخصص مجلات وجرائد أسبوعية أغلفتها باستمرار للحسن الثاني, وللحديث عن أشيائه الكثيرة من الحسن الثاني الفنان إلى الحسن الثاني الساخر إلى الحسن الثاني وحريمه مرورا بالحسن الثاني ووزرائه فالحسن الثاني وثروته, وقس على ذلك ماتشاء إلى الحد الذي يجعلنا نقول باطمئنان أن الملك الراحل لازال يحيا بيننا على الأقل في أغلفة المجلات والجرائد التي تعود إليه باستمرار.
جوابنا على استغراب هؤلاء القراء كلما حملوه إلينا هو أنهم هم السبب في هذا الأمر. فموضوع الحسن الثاني لازال قادرا على إثارة اهتمام المغاربة, ولازال هو الموضوع الأكثر ضمانا لمبيعات محترمة إذا أردنا تجنب القول لمبيعات جيدة جدا. بمعنى آخر لازال الطلب على هذا الموضوع يفرض على أصحاب المجلات والجرائد التي تضع الملك الراخل غلافا لها يفرض هذا المعطى وهو مايطرح علينا السؤال كبيرا: لماذا؟
طبعا هناك الإجابات التبسيطية الأولى: عدد كبير من المغاربة, هم الأغلبية في المغرب اليوم, لم يعرفوا غير الحسن الثاني ملكا ماجعلهم يتماهون مع أبوته الرمزية, ويضعونه _ حتى وإن كانوا يكبرونه سنا _ في مرتبة الأب لهم جميعا. في حين أن عددا آخر منهم كان يتصور أن الحسن الثاني خالد لايمكن أن يموت _ أستغفر الله العظيم _ لذلك حبلت لحظة رحيله بكم غير يسير من المشاعر المبالغة في التعبير عن نفسها, مما يمكن تذكره بسهولة الآن (من لحظة بكاء المذيع الشهير مصطفى العلوي في التلفزيون مباشرة إلى مشاهد المظاهرات العفوية أو المرتبة التي انطلقت في كل مكان من المملكة مباشرة بعد الإعلان عن رحيل الملك السابق).
تفسير آخر قد يحمل بعض الإضاءات لهذا الهوس والإعجاب الذي لازال المغاربة يكنونه لملكهم الراحل يكمن في أنه حرص على أن يخفي عن المغاربة كل الأجزاء الطريفة أو الساخرة أو الفنية أو المتحررة من قيود الرسميات من شخصيته, مقابل إبراز الملامح الصلبة للشخصية التي حكم بها لمدة تقارب الأربعين عاما المغرب, ماجعل المغاربة فور تأكدهم من رحيله يحاولون إعادة تكوين هذاا "البوزل" الجماعي لشخصيته عبر التقاط المكامن الأخرى التي لم يكونوا يرونها, والتي تصلح اليوم لتفسير كثير من الأشياء.
لذلك يقرأ المغاربة عن تبحره في الفن مثلا ولايصدقون وتراهم يرغبون في طرح السؤال: الحسن الثاني كان عزيز عليه الغنا لهاد الدرجة؟ لذلك أيضا تراهم يتساءلون عن علاقته بوزرائه ويحاولون إعادة تركيب مايقرؤونه اليوم من طرائف بخصوص هؤلاء الوزراء لكي يفهموا كثيرا من اللقطات التي عبرت أمامهم حينها دون أن يعيروها كبير اهتمام.
في الختام يبدو الاهتمام الذي يمنحه المغاربة اليوم للحسن الثاني (الصورة) مفهوما إلى حد بعيد. فالملك الراحل الذي منع المغاربة من التطلع إليه مباشرة, فرض عليهم بعد رحيله أن يعيدوا فتح كتاب حياته لكي يطالعوا مافيه باطمئنان, وهذه المسألة لم تكن لتتوفر لو لم يحس المغاربة بعد رحيله وبعد مجيئ عهد جديد أن بإمكانهم أن يقوموا بهذا الأمر دون خوف من أي شيء.
لعله السبب الذي يجعلنا نقرأ في المغرب اليوم رواية تتخذ من الحسن الثاني شخصا من شخوصها دون أن نفكر في مآلنا بعد الانتهاء من القراءة. في النهاية يصلح الأمر لكي يفرض علينا أن نصارح أنفسنا: المغرب تغير كثيرا. هذه هي الحقيقة.

الاثنين، 27 شتنبر 2010

جائزة الصحافة

صديقي جمال الخنوسي يعتقد أن جائزة الصحافة لهذه السنة يجب أن تذهب للمختلسين وكبار ناهبي رزق فقراء هذا الوطن. لأجل ذلك هو كاتب وزير الاتصال في جريدة "الصباح" لكي يخبره أنه متنازل عن الترشيح لهذه الجائزة وأنه يتمنى من الوزير أن يستجيب لرجائه الحار.
فكرة طيبة للغاية, إذ مامعنى جائزة الصحافة في ظل الوضعية التي نمارس فيها مهنتنا اليوم؟ لامعنى لها بكل اختصار. كل سنة يلتئم حولها الراغبون في الستين ألف درهم التي تمنحها للفائز بها لا أقل ولا أكثر. أما المجد المهني المفروض أن يرتبط بجائزة مثل هاته, أو المعنى النبيل الذي ستحمله لمن سيحصل عليها, ففي المسألة نظر كبير.
لكن ليعذرني صديقي صاحب هذا الاقتراح الطريف, لأن لدي اقتراحا آخر أصوغه باسم المهنة وأنا متأكد أنه سيروق للأغلبية إن لم يرق لللجميع: اليوم جميعنا نعرف إلى أين يمضي تفضيل "صحاب الحال" في ظروف الممارسة المهنية. الجميع يعلم أن لدى هؤلاء "المخنث" ديالهم, أو لكي نستعمل عبارة أخرى بعيدة عن التشويش الجنسي "المفشش" ديالهم, أو لكي نكون واضحين أكثر ونتجنب مواطن المتشابهات سنلجأ للغة الضاد وسنقول المدلل ديالهم.
ذلك الدي يجلس القرفصاء كل يوم, ويطلق على الرؤوس ما تعطر رائحته يوميا عشرات الآلاف من الأنوف, ثم يفخر بأنه قادر اعتمادا على رائحته فقط أن يزكم المزيد منها. هذا الزميل يحظى باحترام كبير عند أصدقائنا ويتصورون أنه النموذج الأمثل لممارسة المهنة في البلد حتى وإن كان الكل يجمع على أنه لايمارس المهنة. لذلك أقترح أن نأخذها من قصيرها وأن نقترح جماعة على الوزارة التي تشرف على هذه المبادرة الكريمة أن تمنح الجائزة كلها بجميع تفرعاتها لصديقنا إياه.
بالتأكيد سيقبلها, وبالتأكيد سيعتبر أنه يستحقها في كل الفئات, ففي المكتوب هو الوحيد الذي يعرف كيف يضرب القطيع في النقطة الحساسة التي تروقه. وفي السمعي هو الوحيد الذي سبق له وقدم دروسا كثيرة للإذاعات الخاصة الجديدة, وفي البصري هو يجتر وراءه تجربة لابأس بها يوم وجد التلفزيون دون بواب فدخل, وفي جائزة الوكالة هو خير من ينفذ المهام بالوكالة عن الأسياد الذين يأمرونه بذلك, وفي الصحافة الإلكترونية لاأتخيل _ من باب إحقاق الحق _ أن هناك صحافيا إلكترونيا أفضل منه في البلد بمعنى أنك تستطيع أن تبرمجه إلكترونيا مثلما تشاء شرط أن "تعطيه لحلقو"و وسينسى "اللي خلقو".
ستقولون مثلما يقول هو : الحسد. وأنا أقسم بالله العظيم أنني لاأعرف هذا الشعور لأنني مكتف بما لدي, وشعور الحسد هذا غالبا يكون لدى من لايملكون شيئا. كل ما في الأمر هو أنني أريد من الدولة أو من جزء من الدولة أن يذهب بعيدا في قرارة تفكيره, وأن يتوج كل ماارتكبه لحد الآن في هذا الميدان بدفع صديقنا لريادته بمنحه كل جوائز الصحافة الممكن تصور وجودها على سطح الأرض. سننهي بالتأكيد هذا النقاش الذي نراه اليوم يكبر في كل مكان, والذي يستهدف الرجل "مسكين" حتى من طرف من كانوا مقربين منه في وقت من الأوقات, وقاسموه حلاوة ومرارة كثير من الأشياء.
يتذكرون جيدا أننا حين حذرناهم من المسار الذي يسير فيه, وقلنا إنه يلعب بالنار في ميدان هش للغاية أنهم ابتسموا وقالو لنا "خليو عليكم السيد, راه ناجح بزاف". اليوم نقرأ لهم تباكيهم على مايفعله بهم, ونذكرهم _ على سبيل التذكير فقط لا الشماتة _ أننا لم ننتظر إذنهم لكي نقول للرديء إنه رديء في حينه وأوانه, لا لغل شخصي أو حقد أو ماشابه, ولكن لأننا رأينا حتف المهنة يأتي على يديه. وكنا كعادتنا الأحرص عليها, والأكثر انتصارا لمبادئها ضدا على المعارك الشخصية الصغيرة, وحاولنا أن نشرح وأن نفسر وأن نبين للمبتسمين حينها سبب إقدامنا على قولها واضحة, صريحة, جارحة "لداك خينا", لكنهم صموا الآذان لأن المصالح آنذاك كانت متقاربة جدا.
اايوم هم يعاينون الخسائر التي تقع, والبذاءات التي تنتشر ويشعرون أن الوقت قد حان لكي يعلنوا غضبهم من هذه الرداءة المستشرية التي تعتقد أنها "طفراتها" فقط لأنها أوجدت لمدها مكانه بين الناس, لكن خشيتنا كبيرة من أن تكون الفأس قد وقعت في الرأس, "واللي عطا الله عطاه".
لدى المغربي العادي اليوم تصوره للمهنة مثلما شرحها له "صاحبنا", ومن الصعب إن لم يكن من المستحيل أن تطرق أبواب عقول الناس اليوم واحدا واحدا لكي تقول لهم "عنداكو تتيقو عاوتاني", بكل بساطة لأن من سلم عقله للشعوذة يصعب عليه أن يصدق أن لبعض المنطق مكانا فوق أرض هذه الصحافة الخلاء.
عذرا على التشاؤم, لكنني أعرف أن الكثير من مواقف اليوم هي مجرد ردود أفعال بعد انفصال الطرق عن بعضها, ولا علاقة لها بغيرة فعلية على الميدان. لذلك لاأتفاءل كثيرا بالإجماع الذي أراه. العكس هو الحاصل, وأملي هو أن يستجيب "السي خالد" لهذا الرجاء. فذلك أفضل مايمكن أن يقع لهذا الميدان بعد أن وصل إلى هذا الحد من الانحطاط
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
أي لعبة يلعبها الرئيس الإيراني اليوم؟ ومامعنى تشكيكه فيما وقع في الحادي عشر من شتنبر 2001 ومطالبته بتشكيل لجنة مستقلة لكي تشرف على تحقيق فعلي يكشف عما حد بالتحديد؟ المعنى واضح هو أن نجاد يريد خلق نقاش هامشي يلفت به الأنظار عن تشنج علاقة بلده بدول الجوار, وعن محاولاتها الحثيثة لإيجاد طريقة للوصول إلى تفاهم ما مع الدول الغربية وعلى رأسها من تصفه أدبيات ملالي إيران بأنه "الشيطان الأكبر" أمريكا؟
للأسف, كان ممكنا لإيران أن تلعب دورا آخر في المنطقة غير دور التدمير الذاتي الذي تلعبه الآن.

السبت، 25 شتنبر 2010

منافقون بلا جدود

كم مرة نسمع في الشارع المغربي عبارات سب الرب؟ كم مرة تلتقي أذننا بعبارات نابية تمس ماأسماه زملاء لنا "الذات الإلهية" نرد عليها بتمتمة عبارة "أستغفر الله العظيم", ونمضي؟ بالتأكيد العشرات من المرات, إلى الحد الذي يجعل هذه العبارات مجرد جمل مستهلكة ألف اللسان المغربي أن يعبر بها عن حالات غضبه القصوى دون أن يعني ذلك بالضرورة أن من استعمل تلك العبارة يريد بها فعلا سب الله أن النيل من قدسية الدين أو الرب عند المغاربة.
مناسبة هذا التذكير ببديهياتنا اللغوية في الشارع الضجة الكبرى التي أقامها زميلنا في القناة الأولى عزيز ريباك حين انفلتت من لسانه عبارة وهو في حالة غضب قصوى بعد أن أوصله التقنيون المكلفون بنقل لقاء المغرب التطواني والوداد الفاسي إلى المرحلة الأخيرة من التفكير, فأطلق للسانه عنان التعبير عن الانفعال دون أن يكون على علم بأن صوته وعبارته سيصلان إلى المغرب كله, وسيصبحان أداة لنقاش كبير وسببا في مروره من مجلس تأديبي يرتقب أن تكون عقوبته قاسية.
لنكن واضحين جدا في هذه المسألة: ريباك ارتكب خطأ مهنيا, هذه مسألة لانقاش فيها, وكان يفترض بمن أمضى سنوات طويلة وراء الميكروفون أن يتحلى بقدر كبير من الهدوء الذي يمنعه أن يستسلم لانفعاله. لكن ماوقع وقع, والأمل اليوم هو أن تراعي أي عقوبة يراد إنزالها بالرجل أن المسألة نتيجة انفعال لا أقل ولا أكثر, وأنها يمكن أن تقع لأي واحد منا, وهي بعبارة أوضح لاتتطلب كل هذا الضجيج الذي انخرطنا فيه جميعا لكأن الرجل ارتكب مالم يرتكبه أحد قبله في العالمين.
نفس الأمر تكرر بمناسبة استضافة ياسين فنان مخرج "العقبى ليك" من طرف إذاعة "أصوات". أسئلة المذيعتين الاستفزازية دفعت ياسين في لحظة من اللحظات إلى إطلاق كلمة "بيتان" بالفرنسية على الهواء مباشرة, وهنا أيضا قامت القيامة مرة أخرى واعتبر العديدون أن ياسين أتى بشيء لايقوم به المغاربة عادة, علما أن جولة صغيرة في الشارع المغربي تكفيك لكي تشنف أذنك كل أنواع عبارات السباب التي يطلق عليها المغاربة في دارجتهم "من المنقي خيارو".
ما هو السبب في هذا الانفصال التام بين كلامنا في الشارع وبين مايفترض منا أن نقوله في التلفزة أو في الإذاعة؟ طبعا نحن لانطالب بفتح المجال أمام العبارات النابية لكي تدخل وسائل إعلامنا, لكننا بالمقابل نطالب بالتعامل بنسبية مع مثل هذه "الحوادث اللسانية المعزولة" حين تقع. مثلما يجب علينا أن نتأمل في هذا النفاق المستشري الذي يجعل المغربي يمضي اليوم كله في سب الرب في الشارع, وفي الوقت ذاته يسب هذا المذيع المسكين, لماذا ؟ لأنه سب الرب في التلفزيون.
الأمر شبيه بالنكتة الشهيرة عن الأب الذي لم يستطع أن يمنع إبنه من استعمال عبارات نابية تمس "الذات الإلهية" باستمرار, فأمسك به من خناقه وقال له "تعاود ربك تسب الرب, غادي نرمي ربك من الشرجم". لاأرى فعلا أي فرق بين النكتة وبين ردود الأفعال المبالغ فيها التي اجتاحت شاارعنا المغربي بعد خطأ ريباك.
ولعلنا اليوم ملزمون بأن نتأمل النموذج الفرنسي في التعامل مع لغة الشارع في التلفزة والإذاعة, حيث استطاع كوميديون أولا من غي بودوس إلى أشهر مستعمل للكلمات الكبرى عبر التلفزيون جان ماري بيغار, أن ينقلوا هذه الكلمات من معانيها الصادمة التي تمتلكها في الشارع لكي يحولوها إلى استعمال عادي لايعني شيئا في وسائل الإعلام. بل إن فقرة شهيرة في قناة كنال بلوس ضمن برنامج "النشرة الكبرى" تعودت أن تسأل ضيوف البرنامج عن "الكلمات الكبرى المفضلة لديهم أو التي يستعملونها باستمرار". والجميع حين يمر من تلك الفقرة يرد ولا أحد من المشاهير الذين تستضيفهم من سياسيين وإعلاميين وفنانين قال في يوم من الأيام "لا أنا لاأستعمل أي كلمة كبيرة", بكل بساطة لأن الأمر غير ممكن, وهذه العبارات التي نقول عنها نحن نابية هي مجرد انعكاس للحظة انفعال إنسانية لاتعني شيئا على الإطلاق, والتعامل معها ينبغي أن يكون فعلا تعاملا عابرا لايتوقف كثيرا عنها.
إن ماكشفت عنه قضية ريباك (ولاحظوا أنها أصبحت قضية الآن) هو أننا مجتمع منافق بامتياز, وفي الحقيقة هذه النازلة الأخيرة ذكرتنا فقط بهذا الأمر, لأننا كنا نعرفه, ونلتقي مع علامات هذا النفاق يوميا . ويكفي أن تتأملوا في المشهد الرائع والمثير للكثير من الأسئلة للتناقض الكائن بين رقم 300 ألف مصلي التي ختمت القرآن مع القزابري في مسجد الحسن الثاني في رمضان, ثم بعد ذلك بأيام قليلة فور إطلاق سراح "الشراب", رقم 40 مليون لتر من البيرة التي يجتاحها المغاربة يوميا أو شهريا أو سنويا والله أعلم.
الخلاصة؟ علينا فعلا أن نؤسس جمعيتنا " جمعية منافقون بلا جدود", فلاأصل فعلا ولا جد لكل هذا النفاق الذي نحيا فيه هنا والآن...

الحالمون بالرقابة

كان الناقد الفني المصري طارق الشناوي موفقا أكثر من زميلنا أنس بوسلامتي الذي حاوره هو والزميلة سناء ثابت في موضوع "صورة المغربيات في المسلسلات العربية" على شاشة إم بي سي في برنامج "صباح الخير ياعرب". طارق وهو بالمناسبد أحد أبرز النقاد العرب في مجال السينما والتلفزيون, ورجل يزن كلماته جيدا قبل أن يطلقها في الهواء العام, أصر على أن يسجل خية أمله في أن يسمع من صحافيين (أي من منتمين لعالم الحرية وعدم التضييق على الفكر والإبداع) المطالبة الواضحة والصريحة بالعودة إلى عصور الرقابة والتنويه بقرار وزارة الإعلام المصرية القاضي بمشاهدة السلسلات والمسلسلات قبل عرضها تفاديا لوقوع مشاكل من قبيل تلك التي حدثت في مسلسل "العار" .
استغراب الشناوي لدفاع الصحافيين عن الرقابة مرده إلى أنه كان يتمنى أن يرى منهما دفاعا عن حق الفنان في التطرق لكل المسائل التي يراها مهمة لعمله دراميا, دون أن يشغل باله بالرأي الذي ستكونه عن هذه الجنسية أو تلك. غير أن موقف زميلينا يبدو مفهوما إلى حد بعيد انتصارا لانتمائهما المغربي فقط لاأقل ولا أكثر. مع أن الانتصار لتمغربيت الحقة يكون عبر التعبير عن اقتناعنا حقا بهذاا البلد وإيماننا بأنه لايمكن أن يهتز فقط لأن مسلسلا قد أساء إليه إساءة مزعومة أو أن فيلما قدم شخصية تخييلية (أي متخيلة أي لاوجود لها على أرض الواقع) وقال إنها تنتمي إليه.
علينا فعلا أن نرفع مستوى النقاش قليلا في هذا المجال, وأن نتوقف عن الإساءة لأنفسنا بأنفسنا وأن نحاول العثور على طريقة لفهم الموضوع بشكل أكثر انتماء لعصرنا الحديث. اليوم لم يعد ممكنا أن نقول لمبدع تلفزيوني أو سينمائي إن عليه أن يقدم لنا مايريد كتابته أو تقديمه عبر التلفزيون لكي نطلع عليه وبعدها نقول له "أحسنت هنا وأسأت هنا". هذا عمل تقوم به الجهات الإنتاجية المكلفة بالعمل, وتقوم به في حدود الاحترام التام بل والتقديس الكامل لحرية المبدع في أن يتناول مايريده بالطريقة التي يراها مناسبة.
بعدها وحين يخرج العمل إلى حيز الوجود, وبعد أن نشاهده يحق للنقاد أن ينتقدوا فيه الجوانب التي رأوا أنها مسيئة. وحين نقول النقاد, نقول العارفين فعلا بمجال قراءة الصورة وقراءة الموضوع المطروح عبرها. ذلك أننا ابتلينا في العالم العربي كله بنوعية جديدة من النقد من الممكن تسميتها "نقد عيني ميزاني", التي تقوم على أن أقول ماأريده في العمل دون أن أكلف نفسي عناء تبرير ماقلته أو أن أشرحه للناس, أو أن ألجأ لمعايير علمية ومهنية ونقدية مضبوطة لكي أبني عليها ماأريد الوصول إليه من حكم نهائي في الختام.
المسألة تشبه عملية رياضية تخضع لشروط علمية ضيقة, ولامعنى لتركها "سداح مداح" ودمها مباح بين الجميع مثلما يحدث اليوم, فقط لأن الصدفة والفراغ أصبحت لهما الكلمة الأولى في العديد من الميادين.كما أن الكثير من زملائنا في النقد يسقطون حين يتبنون هذا الرأي في الفخ الذي ينصبه لنا المتطرفون باستمرار: فخ الرقابة القبلية والبعدية على الأعمال الفنية والتلفزية وبقية الإبداعات,وقراءتهاالقراءة المتخلفة المبنية على أحكام قيمة أخلاقية لاعلاقة لها بعالم الفن لا من قريب ولا من بعيد.
ومرة أخرى لاأمل من تكرار المثال الذي طرحناه خلال رمضان السابق حول هذا الموضوع بالتحديد, والذي يهم النساء القادمات من أوربا الشرقية اللائي يتم تقديمهن في دور بائعات الهوى باستمرار في السلسلات والأعمال الأمريكية. لم يسبق لنا أن سمعنا في يوم من الأيام أن أمريكيا قد عبر لخارجية بلده عن استيائه لتشويه سمعة بلده في هذه الأعمال.
لماذا؟ بكل بساطة, لأن الناس هناك تفكر بعقلها وليس بأي عضو آخر من جسدها. وهنا مكمن التناقض الكامل والحقيقي بين التخلف والتقدم, بين الحضارة الفعلية وبين الحضارة المفترى عليها التي تتبنى القشور الزائلة فقط, والتي تكشف عن انتمائها للعصور البالية في أول انعطافة, حين تعود إلى الطبيعة الأولى تلك التي ترفض أن ترى التقدم الواقع في كل المجالات, بل وتحلم بإمكانية العودة إلى الماضي السحيق.
"بيناتنا دابا"و أليس من المخجل أن نسمع هذه الأصوات وهي تطالب في عهد الفيسبوك والتويتر و"العجب الكحل" بضرورة عودة الرقابة البليدة إلى الأعمال الفنية قبل مشاهدتها؟ أليس من العيب أن نتصور أو يصور لنا طرف ما أنه من الممكن اليوم الحجر على أذواق الناس وحقهم في رؤية كل شيء بمبررات واهية مثل الإساءة للأوطان وغيرها من علامات الرغبة في التضييق على الناس فقط؟
عيب وعار. فقط بكل اختصار.

درس مصطفى المغربي

لم يعد هناك أي مجال للقبول بالرأي الآخر بين رحاب جبهة البوليساريو العامرة بمتنفذيها, فقد مرت الجبهة إلى اعتقال مصطفى ولد سلمى ولد سيدي مولود, ووجهت له تهمة التخابر مع دولة في حالة حرب مع "الجمهورية", وألقت به في أتون المعتقلات التي توصف بأنها أسوء معتقلات يمكن تصور وجودها على سطح الأرض في العصر الحديث.
طبعا كان مصطفى يعرف جيدا وهو يأتي إلى المغرب لكي يعلن تأييده لمقترح الحكم الذاتي أن عصابات البوليساريو لن تترك خطوته تمر باليسير. كان يعرف أنه سيؤدي ثمنا ما, مثلما كنا نعرف جميعا هنا في المغرب أن تندوف لاتشبه العيون في رحابة صدرها, وأن دخول وحدوي إلى المخيمات لن يكون أمرا هينا. لكننا مع ذلك قلنا لأنفسنا إن عصابات البوليساريو التي أتقنت باستمرار التعامل إعلاميا وحقوقيا مع أكاذيبها حد تصويرها بمظهر الحق أحيانا, لن ترتكب هذه الزلة الكبرى, وستجد طريقة ما لمحاصرة ولد سلمى في المخيمات دون أن تمر إلى اعتقاله.
لكن ما توهمناه, أو في الحقيقة ماتمنيناه لم يقع. المخابرات العسكرية الجزائرية أصدرت أوامرها بأن يتم اعتقال ولد سيدي مولود, وفي الوقت ذاته أن يتم توجيه تهمة إليه تشبه التهمة التي حوكم بها التامك هنا في المغرب. ولحسن الحظ وتزامن الصدف (هل هي صدف حقا؟) أن محكمة الرباط أصدرت بالتزامن مع قرار البوليساريو قرارا بعدم الاختصاص في محاكمة التامك ومن معه, مايعني عمليا إخلاء سبيلهم وعودتهم إلى معانقة الحرية, ومواصلة "نضالهم" المزعوم من أجل الانفصال من داخل أرض الوطن.
ما الذي يمكن أن نفهمه من كل هذا؟ الكثير من الأشياء لازالت ضبابية في هذا الملف بالتحديد, لكن العناوين الكبرى شرعت في الظهور, وأبرزها بامتياز هو أن المغرب قرر أن يلعب اللعبة بذكاء أكبر من ذلك الذي عهدناه في ديبلوماسيته. اليوم لدينا معتقل مغربي في سجون البوليساريو يؤدي ثمن مجاهرته برأيه داخل بلاده. ويؤدي ثمن جرأته بقرار العودة إلى تندوف من أجل إقناع إخوانه هناك برأيه.
لدينا أيضا ناشطون صحراويون يحلو لهم أن يطلقوا على أنفسهم لقب أو وصف "انفصاليو الداخل" يمضون اليوم بطوله في الطواف في المدن الجنوبية من أجل الترويج للمهمة التي يتلقون مقابلها مالا وفيرا من المخابرات العسكرية الجزائرية, ومن أجل التطبيل لوهم دولة غير ممكنة نهائيا في الصحراء. وكل هؤلاء وهم معروفون لكل الأجهزة الأمنية, لايعانون من أي تضييق عليهم, بل يشتغلون في حرية كاملة. أبزهم أمينتو حيدر التي لم نسمع منها كلمة واحدة عن ولد سلمى ومنهم أيضا التامك ومن معه, ومجموعة أخرى من المنتمين للبوليساريو الذين يعيشون بيننا ويحلمون باليوم الذي سيتمكنون فيه من الاستقلال عنا.
الصورة بهذا الشكل تعطي للمغرب أفضلية واضحة على الجزائر وعصابات البوليساريو التابعة لها. فاليوم صورتنا أمام المنتظم العالمي تقول إننا الدولة التي تقبل باختلاف الآراء على أرضها حتى بالنسبة للانفصالي من هذه الآراء في حين تبدو الجزائر غير قادرة على ضبط أعصابها أمام رصانة الخطوات المغربية الأخرى, وتلفي نفسها ملزمة باتخاذ قرارات مسيئة لها ولتباعها في الجبهة, حتى وإن كانت هذه القرارات تبدو في حكم النافعة لهما معا.
ماهو أهم في هذا الملف من الصورة العامة لدى الخارج عنا, هو الجانب الآخر من الصورة الذي كشفت عنه حالة ولد سيدي مولود: العدد العديد من الشبان الذين يحيون في مخيمات تندوف والحمادة, والذين ولدوا هناك, وعاشوا وتربوا هناك, وفهموا اليوم أن لامستقبل لهذا الكيان, وأن حل الالتحاق بالمغرب وتدبير أمر الخصوصية الجهوية لمنطقتهم داخل الديمقراطية المغربية هو الحل الفعلي الذي سينهي معاناتهم ومعاناة أسرهم التي امتدت لما يفوق السنوات الثلاثين.
هذه هي الرسالة الأهم في هذا النقاش, وهي تضع على عاتق المغرب مسؤولية أكبر بكثير من تلك التي تحملها حتى الآن مفادها ضرورة إنقاذ المحتجزين من شبابنا في تندوف عند المخابرات العسكرية الجزائرية, لأن خطوة ولد سيدي مولود هي مجرد نداء استغاثة أطلقه واحد من أولئك الشباب, باسمهم جميعا, وعلينا باسم "تمغربيت" التي تجمعنا بهم جميعا أن نحسن في هذه اللحظة بالذات الاستماع لهذه الصرخة.
إخوة لنا يوجدون بين براثن البوليساريو والجزائريين, وليس مصطفى ولد سيدي مولود وحده المعتقل المغربي اليوم هناك في تندوف. عشرات الآلاف من شبابنا وشيوخنا معتقلون لدى حكام الجزائر وعصابات البوليساريو. وعلينا أن نفعل المستحيل من أجل أن يفتح باب هذا السجن الكبير الذي يقتل سنوات عمرهم داخله إرضاء لعقد جزائرية دفينة, وجلبا للمزيد من الأموال لعصابات المتنفذين من قيادة الجبهة التي وصلت اليوم إلى الباب المسدود.

الأربعاء، 22 شتنبر 2010

معركة صورة

أكثر من أي وقت مضى نحس اليوم في المغرب أننا بحاجة إلى إعادة النظر في سياستنا الإعلامية. أكثر من أي وقت مضى نجد أننا محتاجون بالفعل لوضع السؤال حول مانريد القيام به ومانستطيع القيام به تلفزيونيا. سبب هذا الكلام ملاحظة يرددها الكل هذه الأيام بخصوص الفيلم البطولي الذي يجسده بروعة لانظير لها مصطفى سلمى ولد مولود وهو يتحدى البوليساريو في عقر قيادتهم, ويجبرهم على إظهار الوجه الحقيقي للجبهة الرافضة لحقوق الإنسان والمنتهكة لأبجدياتها البسيطة.
نتأمل المشهد ونضع قبالته مشهد أميناتو حيدر يوم افترشت أرضية مطار لاس بالماس محاطة بالعشرات من المصورين الصحافيين وبكاميرات التلفزيونات الإسبانية والجزائرية إلى أن تمكنت من فرض الأمر الواقع وإجبار البلد على مراجعة قرار اتخذه في حقها. ثم نعود إلى مشهد ولد سيدي مولود اليوم ونجد أن الرجل يخوض حربه لوحده دون مساندة إعلامية من كل الجهات التي يقال إن هذه هي وظيفتها في المغرب اليوم. تصوروا أن الرجل لم ترافقه كاميرا واحدة في طريق عودته إلى تندوف, وتصوروا أن كل ما استطاعت قناة العيون _ وهي القناة المكلفة رسميا بحمل هذه المهمة الثقيلة على عاتقها: مهمة الدفاع عن قضية المغاربة الأولى _ أن تفعله معه هو أن تتصل به هاتفيا لكي يخبرها بالمكان الذي يوجد فيه.
نفهم طبعا الإكراهات التي قد تمنع فريقا تلفزيونيا بأكمله من مرافقة ولد سلمى لكننا لانفهم لم لم يتحول الرجل والفيلم البطولي الذي ينجزه هذه الأيام إلى معركة يومية للتلفزيون المغربي. دعونا من الكلام الإنشائي العام الذي نسمعهم يرددونه باستمرار. نحن هنا نتحدث عن معركة الصورة الإعلامية التي يعد خاسرا من لايستطيع خوضها في عالمنا اليوم. نحن هنا نتحدث عن ضرورة إنجاز ربورتاجات يومية عن الرجلو وحوارات مع عائلته هنا, وعن ضرورة تقديم الرهان الفعلي للمعركة التي يخوضها. من الممكن أيضا أن نحرك ملكة الحوار في تلفزيونيينا وأن نجبرهم على ابتداع حوار أو اثنين حول الموضوع, وأن نجعل من المسألة تحسيسا يوميا _ بشكل ذكي لا بالشكل الذي يمارس به تلفزيوننا التحسيس القاتل _ بعدالة قضيتنا الوطنية الأولى, وبجسامة ماينجزه ولد سلمى اليوم.
لكي نفهم المسألة جيدا وأبعادها علينا أن نعرف أنها أول مرة تجد فيها جبهة البوليساريو نفسها في موقف حرج إعلاميا وحقوقيا منذ زمن. ويجب أن نستوعب أن ولد سلمى استطاع أن يفرض على الجبهة وقيادتها أن تنزع عنها جبة التباكي اليومي على حقوق الإنسان لكي تشن حملة حقيقية على عائلة ولد سلمى داخل المخيمات, ولكي تعلن حالة استثناء لم تعرفها المخيمات منذ زمن ترقبا لعودة الرجل, وتخوفا من أثر هذه العودة, واستباقا لمفعولها لدى سكان المخيمات الذين يبحثون بكل الوسائل عن سبيل للتخلص من القيادة المتنفذة التي تحكمهم وتتاجر بهم منذ قرابة الثلاثين سنة أو يزيد.
وعوض أن يمسك المغرب هذه الفرصة التاريخية بأصابعه وأن يعض عليها بأسنانه وأن يجعل منها شغله الشاغل هذه الأيام تلفزيونيا, نجد أن مسؤولينا التلفزيونيين يكتفون بروبرتاجات باردة لاعلاقة لها بسخونة الوضع الذي جر إليه ولد سلمى البوليساريو, ويصمون أذانهم ويعمون أبصارهم عن القيام بالمهمة الواجبة عليهم في هذه الفترة. أكثر من هذا يعرف المتتبعون للمف الإعلامي أن للرئيس المدير العام للقطب العمومي فيصل العرايشي دورا أساسيا في تتبع ملف قضية الصحراء وهو يحرص على أن يطلب من مسؤوليه جعل هذا الملف في أولى أولويات ملفاتهم, لكن مانراه يعكس أن لهؤلاء المسؤولين أولويات أخرى عن ترفيه "باسل", وموسيقى "هابطة", وبرامج أخرى لاتوصيف لها تلفزيونيا يقدمونها لنا باستمرار, دون أن نفهم السبب الذي يجعلهم يحجمون عن
لكننا عندما نتذكر أن مفكرا جزائريا كبيرا بحجم محمد أركون قد وجه لمسؤولي بلده صفعة كبرى وهو يوصي بدفنه في بلدنا في اعتراف رائع بحبه للمغرب وأننا لم نخصص له تلفزيونيا تغطية تليق بجنازته التي كان يمكن أن تنقل أجزاء مباشرة منها مثلما تفعل القنوات المصرية المتخصصة (ولدينا قناة معرفية وتربوية تستطيع القيام بهذا الأمر ببساطة لو أرادت) على الأقل لكي نوجه للعالم بأسره الرسالة التي تقول إن هذا البلد يكبر يوما بعد يوم في عين الكبار الذين يختارون تربته للاستراحة فيها استراحتهم الأخيرة, عندما نتذكر هذا الأمر نقول لأنفسنا "خلي داك الجمل بارك, وخليهم يديرو اللي بغاو. راهم تبارك الله علما".

جيران السوء

لنقصف قصور ملك المغرب, ولنقصف بيت فيليبي غونزاليس. هذا ماتفتقت عنه عبقرية الصحافي الإسباني فردريكو خيمينيس لوسانتوس, الذي ينشط في إذاعة محلية ويكتب في "إل موندو" ردا على مقال رصين للغايد نشره فيليبي غونزاليس الوزير الأول الإسباني الأسبق دعا فيه إلى ضرورة تحلي إسبانيا اليوم أو غدا أو في مستقبل آخر ببعض الحكمة لحل المشاكل العالقة مع المغرب,وفي مقدمتها مشكل الاحتلال الإسباني لستة ومليلية.
البعض سيقول إنه رأي صحافي واحد لاينبغي تحميله أكثر مما يحتمل, لكن علينا أن نقلب الآية فقط وأن نطرح على أنفسنا السؤال: وماذا لو أصيب زميل لنا في المغرب هنا بنفس الدوار الذي أصاب لوسانطوس, وطالب في مقال أو تدخل إذاعي أو تلفزي بالجهاد ضد إسبانيا لأننا لانملك إمكانيات قصف جارتنا الإيبيرية وإن أردنا ذلك؟
بالتأكيد كانت القيامة ستقوم, والعبارات المسكوكة الجاهزة ستستل من اللامكان لكي تصفنا بالإرهابيين والراغبين في تعكير صفو الجيران, والحالمين باستعادة فردوسهم المفقود في الأندلس إلى أخر كل الترسبات الاستعمارية المليئة بالكليشيهات التي يحتفظ بها ذهن الجيران الإسبان عنا. أما وقد جاءت على لسان صحافي يميني متطرف من إسبانيا فالمسألة فيها نظر, والمغرب ملزم بأن يكون بعيد النظر سديده, وأن لايدع بعض "الحوادث العابرة" تؤثر على العلاقات المتينة بين المملكتين.
طيب ياسيدي, نحن بعيدو النظر وسديدوه, لكننا لن نستطيع البقاء هكذا طويلا. في لحظة من اللحظات سنلتفت جهة الشرق, سنجد بوتفليقة المتوتر والجنرالات الذين يحركونه في المرادية, وسنلتفت جهة الشمال, وسنجد عقدة استعمارية كبرى تكشف عن نفسها كل مرة بشكل, وسنقول لأنفسنا إننا غير محظوظين البتة بهذا الموقع الاستراتيجي الذي يحسدنا العالم كله عليه. نعم لدينا شرفتنا على بحرين, ولدينا انتماؤنا الإفريقي الضارب في أطناب القارة, لكن لدينا هذه الجيرة السيئة التي تؤرق علينا الحياة, وتجعلنا باستمرار مستعدين للأسوء.
وسواء بالنسبة للجزائر أو بالنسبة لإسبانيا بقينا باستمرار على النهج ذاته: المسالم الذي لايريد ضجيجا, ولا يسعى إلى توتر. الراغب فقط في حل كل الإشكالات, بل والمؤجل لقضايا حساسة للغاية من أجل أن لانمس هذا الهدوء الوهمي بيننا وبين الجيران بسوء. ورغم ذلك لانروق. رغم ذلك تخرج علينا الجزائر يوميا بالمئات من الأسباب الوجيهة لإعلان الحرب عليها, ويخرج علينا الإسبان مرتين في اليوم لكي يجدوا فينا السلوان عن الأزمة المالية التي تضربهم, والتي تجعل أربعين مليون إسبانيا تحت رحمة شبح يرعبهم اليوم إسمه البطالة.
هل يعقل أن نظل أداة العزاء الوحيدة لبلدين جارين؟ هل يعقل أن يجد فينا بوتفليقة باستمرار التخريجة المناسبة لدفع أزماته الداخلية باستمرار إلى الحدود معنا؟ وهل يعقل أن تحول إسبانيا كل أزماتها إلى المغرب لكي تختلق معه كل مرة صراعا جديدا وواهيا مثل هذا الأخير؟
في السؤال استنكار على الآخرين لقيامهم بتصرفات لاعلاقة لها بحسن الجوار, لكن فيه أيضا استنكار لدور ديبلوماسيتنا المحلية التي نفهم أن تكون "ضريفة" مثل الوزير الذي يرأسها تماما, لكن لانفهم أن تكون سلبية إلى هذا الحد. في لحظات كثيرة تساءل مراقبون للشأن المغربي في علاقته بإسبانيا عن السبب الذي يجعل المغرب يحجم كل مرة عن مسايرة الجيران في توترهم إلى الحد الذي جعل بلدهم يتحول إلى قاعدة ثانية لانفصاليي البوليساريو بعد الجزائر. كنا نسمع الجواب أن المغرب بلد يقدر الاختيارات الاستراتيجية الكبرى في عالم الديبلوماسية تلك التي تسمح له بأن يتخطى الحوادث العابرة الصغيرة, وأن يركز على الأهم.
لكننا اليوم أصبحنا نلاحظ بأن هيبة وصورة المملكة هي التي تمس في "هذه الحوادث العابرة المعزولة". ولن نسرد الكثير من الوقائع, لكننا سنقول إن أي بلد لن يقبل بأن تحلق مروحيات بلد آخر على يخت ملكه, وأن ترسل عبر هذا التحليق الوقح الرسالة التي تقول إنها قادرة على فعل أي شيء في المغرب.
بالأمس حلقوا فوق يخت الملك المغربي, واليوم يقول صحافي في إذاعة من إذاعاتهم إن عليهم أن يقصفوا قصور الملك وبيت وزير أول منهم, وغدا ماذا؟
غدا ماذا هو السؤال الذي ينبغي أن نطرحه مع الإسبان ومع الجزائريين. وفي تصور الشعب المغربي البسيط, ليس هناك شيء يسمى ضبط النفس حد امتهان الكرامة. هناك احترام ديبلوماسي متبادل إما أن يكون من الضفتين أو أن لايكون أبدا.وهناك جيرة علينا أن نفهم أن بقاءها جيدة بين الطرفين رهين بأن يقدم كل طرف باستمرار الدليل على أنه يرغب في بقائها فعلا جيدة.
في حالة العكس, علينا أن نجد سبيلا لإبداء غضبنا حين اللزوم. وإلا فسيقولون علينا في لحظة من اللحظات إننا قوم لانستتطيع الغضب, أو أننا بالدارجة ديالنا "ماعندنا نفس, وهادي خايبة بزاف" بطبيعة الحال.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
رحم الله المحجوب بن الصديق "وصافي". أعرف عائلته بحكم الانتماء إلى نفس المدينة مكناس، وأعرف أن جدي كان مجايلا له وصديقا مقربا وأن جدي رحل بداية السبعينيات والأعمار بيد الله، وأن المحجوب بقي علامة على أن الزعماء النقابيين في المغرب والديمقراطية ضدان لايلتقيان أبدا.
الرجل لاتجوز عليه الآن إلا الرحمة لكن درس رحيله بعد أن نسي الناس أنه لازال "زعيما لنقابة" درس على سياسيينا ممن يضعون المؤخرات على الكراسي ويرفضون الذهاب أن يتأملوه جيدا. لعل وعسى، ماعرفتي يفهمو ريوسهم

السبت، 18 شتنبر 2010

غيريتس معانا

علي, إيريك والآخرون
الكثيرون يقولون إن المغاربة لم يستطيعوا في الآونة الأخيرة تقديم مسلسل واحد جدير بالمشاهدة. أعتقد أن العكس هو الحاصل. المغاربة أبدعوا مسلسلات متميزة للغاية لكن على المستوى الواقعي, وليس التخييلي, وأبرز هذه المسلسلات المسلسل الذي وصل على مايبدو لنهايته اليوم بمجيء إيريك غيريتس أخيرا للمغرب بعد انتهاء عمله مع "الهلال السعودي".
خسارة, نكاد نقول, مثلما يحدث حين نصل في رمضان إلى الحلقة الأخيرة من مسلسل شيق نتابعه يوميا ونكتشف قبل بداية تلك الحلقة تلك الإشارة الشهيرة إلى الحلقة الثلاثين أو الأخيرة, فنشرع فورا في تذكر الحلقات السابقة, وتذكر أبطالها والأحداث التي جمعتنا بهم وجمعتهم بنا. ذلك أننا تعودنا في الآونة الأخيرة على هذا الوضع النشاز الذي استنكرناه في البدء, ثم وجدنا أنفسنا وقد استأنسنا به تماما, وبدأنا نشعر أنه الوضع الطبيعي جدا: أن يقصى منتخبنا من كل شيء, أن يعيش هذا المنتخب عطالة كروية وصلت إلى الأشهر التسعة (مرا حاملة هادي ماشي منتخب), أن تهزمنا فرق خرجت للتو من حروب أهلية أو من مجاعات, أو تأسست اتحاداتها الكروية في 2009 فقط, وأن يصبح ترتيبنا عالميا الخمسة والتسعين, بل وأن نحقق إنجاز التعادل في قلب العاصمة الرباط مع المنتخب الذي يحتل الرتبة ماقبل الأخيرة عالميا, وفوق كل هذا وذاك أن توقع جامعتنا عقدا مع مدرب مرتبط بعقد مع ناد آخر, وأن نجلس في دكة الاحتياط منتظرين هلول سعادته على بلدنا وهو ماتم في نهاية المطاف.
علي, صاحب الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الذي نجح في شيء واحد هو أن يجعل الرياضيين يترحمون على أيام الجنرال حسني بنسليمان, ويقولون عنها إنها كانت "يامات العز", قال إنه فرح بوصول المدرب, الذي سيحول إحباطاتنا إلى أفراح (روبن هود هادا ماشي مدرب ديال الكرة) ولاحظوا معنا بعد الرجل عن القاموس الكروي في حديثه, وهو شيء معيب جدا بالنسبة لمن يرأس اتحادا كرويا. علي قال أيضا إن الجامعة تعاقدت مع غيريتس لمدة أربع سنوات وفق أهداف واضحة أبرزها الوصول إلى كأس العالم 2014 (عقلو على هاد الهضرة الله يخلينا ويخليكم على خير) وأن الجامعة اتصلت بعدد من اللاعبين الذين يمارسون في دوريات محترفة وأقنعتهم باللعب للمنتخب وعدد أسماءهم وقال إنهم سيشكلون المنتخب الذي سيذهب إلى البرازيل لكأس العالم القادمة.
جملة "أقنعناهم باللعب للمنتخب الوطني" وحدها عبارة تقول كل شيء عن واقعنا الكروي. نحن كنا نعرف في السابق أن اللعب لليكيب ناسيونال هو شرف لايدركه المرء إلا بعد أن يثبت أنه جدير به, وبعد أن يبلل قميصه مثلما يقول "الكوايرية" بالعرق وليس بشيء آخر مثلما يفعل لاعبو هذا الزمان, وبعدها يجلس اللاعب متمنيا وحالما بأن يتكرم مدرب المنتخب ويستدعيه للنخبة الوطنية. مع علي والرباعة, هذه البديهيات الكروية لم تعد مطروحة نهائيا. عوضها أصبحنا نسمع عن لاعبين مبتدئين في فرق متوسطة جدا في أوربا, يتم التفاوض معهم لماذا؟ لإقناعهم باللعب للمنتخب الوطني.
"لهلا يجعل باباه فين يقتنع. غادي نجيبو مارادونا ولا ميسي؟". والمصيبة هي أننا وبعد أن نقنع هؤلاء باللعب للمنتخب نجد أنفسنا مضطرين بعد ملاحظة مستواهم الكروي لإقناعهم بمغادرة المنتخب بل والاعتزال المبكر والبحث عن "شي حرفة أخرى" يتقنونها أكثر من الكرة المسكينة. معنى أن تقنع لاعبا بأن يلعب معك هو أن ذلك اللاعب سيصنع المعجزات فور لعبه معنا, ولن يكتفي بإيصالنا إلى كأس العالم, بل سيساعدنا على الفوز بها. حينها لو قلنا إننا أقنعناه باللعب للمنتخب الوطني, سيكون لكلامنا بعض التبرير, أما أن تقنع لاعبا لايعرف أبجديات الكرة الأولية باللعب معنا, وتسرد علينا لائحة بأسماء من استقر عليهم السماسرة الدائرين في فلك الجامعة باعتبارهم لاعبين سيصنعون لنا العجب, ففي الأمر ضحك مستمر من المغاربة الذين ملوا مقالب علي والرباعة التي تسير الجامعة.
الواضح اليوم هو أننا _ وبكل هدوء الكون _ ملزمون بالعودة إلى القاعدة الكروية, بتشجيع الأندية على أن تصبح أندية حقيقية, بالبحث عن مدربين صالحين لحمل وصف مدربين يتكلفون بهذه الأندية ويصنعون منها الخزان الذي يمد المنتخب باللاعبين الصالحين له, بوضع نظام احترافي يلعب فيه التلفزيون أولا وقبل كل شيء دور القاطرة المالية والإشهارية للفرق وفق قواعد رياضية واضحة, لا وفق قواعد مافيوزية لاعلاقة لها بالكرة, وبعدها سنجد أن كل ناد مغربي قادر على أن يعطينا لاعبين أو ثلاثة للمنتخب, "وديك الساعة ويلا بان شي طيارة على برة" لابأس من منحه شرف الاستدعاء للمنتخب وليس مثلما يقول علي وصحافتنا _ الله يعطيها ماتاكل _ نقنعه باللعب لنا.
الحل بكل بساطة هو العودة إلى الكرة لحل مشكل الكرة. لكن هل يمكن أن نحل مشكل الكرة بأناس لايفهمون في الكرة؟ "هاكو السؤال", أنا كالعادة, لا أمتلك أي جواب...

عن الراحل الكبير أركون

محمد أركون
خبطتين في الراس توجع يقول المصريون, فمابالك بثلاث ضربات قوية بالفعل؟ في السنة الواحدة ذاتها فقد العرب محمد عابد الجابري وفقدوا حامد نصر أبوزيد, ثم عادوا ليلة الثلاثاء الأربعاء الفارطة لكي يفقدوا محمد أركون. بين الثلاثة خيط رابط متين يسمى البحث المضني عن وهم كبير هو العقل العربي. أمضى الثلاثة الحياة كلها مشروعا للتنقيب عن هذا الوهم, ولا شك أنهم في لحظة من اللحظات بعر أن تأكدوا أن المهمة أشق مما كانوا يتصورونه في البدء قالوا لأنفسهم "ومالنا على هاد تمارة كاملة؟".
بالتأكيد نتخيل كلاما لاوجود له, لكنه التبرم من حال الأمة النائمة في أحضان أوهامها اللاتنتهي هو الذي يدفع إلى مثل هذا التخييل. "علاش كيموتوا العقلاء؟" في السؤال بعض الاستنكار غير المقبول, لأن الجواب البديهي هو أن أجلهم قد حان واللهم لااعتراض. لكن فيه أيضا بعض التلميح إلى أن القدرة على البقاء تكون للحمقى في الأمة المجيدة, وتكون للقادرين على احتضان الخرافات وترديدها بالشكل الغبي الشهير ذاته, وتكون للممسكين بتلابيب كل مالاعلاقة له بالعقل أو التفكير السليم.
أركون الذي رحل عنا هذا الأسبوع والتحق برفيقي الصراع من أجل عقل عربي آخر الجابري وأبو زيد هو مشروع حياة بأكملها لإعادة الاعتبار للفكر العقلاني عند الأمة. وهو مشروع حياة بأكملها لقراءة أخرى للإسلام. وهو مشروع حياة بأكملها للبحث عن نقط الخلل وماأكثرها في الذهن العربي الجريح. له القولة الشهيرة "الديان هي إيديولوجيات" التي كان يرددها ويبرهن عليها باستمرار وله قوة الحجاج التي يعرف بها حتتى بين أشد معارضيه شراسة, والتي جلبت عليه تكفير القرضاوي بعد أن هزمه أركون في مناظرة تلفزيونية بينهما بدا فيها أركون متمكنا من بحور علمه, هادئا رصينا قادرا على قول كل الأشياء بسلاسة فيما بدا القرضاوي محتدا وقد فقد ذلك التواطؤ الكبير الذي تمنحه له الجزيرة وغيرها من منابر الإسلام السياسي, مااضطره للخروج عن طوعه والتلويح بكلام لاأثر فيه للعقل أبدا.
أياما قليلة بعد تلك المناظرة خرج القرضاوي في الجزائر بلد أركون لكي يقول عن هذا الأخير آنه "غير مؤمن بالشريعة الإسلامية" في اختزال معيب, لكن يقول كل شيء عن شيخ الإسلامويين هذا الذي لم يتقبل أن يفعل به أركون مايشاء علميا وأدبيا في مناظرة تلفزية رآها الكثيرون ورأوا فيها قدرة مفكر علماني نظيف على هزم الشعبوية الإسلاموية بالحجة والبيان.
عاش أركون حياته بأكملها منذ أن رأى النور في تاوريرت الجزائرية يحلم يوم لقاء للحضارات التي بنت العقل الإنساني, فلم يؤمن بأن القدر الأخير لهذه الحضارات هو الصراع, إذ كان يرى فيها المشارب التي ابتدأ منها الإنسان, وانتهى إليها. وكان يعتبر أن فهم كل حضارات الكون ممكن دون اعتبارها غريبة أو تصنيفها ضمن التعبير الشهير "الآخر" بل كان يرى فيها إنتاجات بشرية من اللازم الاستفادة من كل واحدة منها قصد الوصول إلى توافق ممكن بين الإنسانية كلها ذات يوم اعتمادا على هذه الحضارات كلها وتلاقحها.
وإذ نذكر لأركون بعض الأشياء اليوم نذكر أن زملاءنا في القناة الثانية استضافوه في برنامجهم "مباشرة معكم" في حلقة أثارت الكثير من الجدل _ على عادة مرور أركون من المناطق التي تزعج العقل العربي الراكد _ وحينها قال أركون عن المغرب كلاما طيبا للغاية, بل اقترح أن يكون بلدنا مقرا رئيسيا لمعهد للدراسات التاريخية والأنتروبولوجية المقارنة بين الأديان. وأشار إلى أن الجهل المقدس والمؤسس هو مفتاح خوف الغرب من الإسلام, محيلا على كتاب أويليف أووا "كيف نقدس الجهل؟" وملحا على أن المجتمع هو الذي أدى بالفاعلين الاجتماعيين إلى تقديس الجهل.
ليلتها أصر أركون بهدوئه المعتاد على أن يقول إن المعهد الذي اقترح المغرب لاحتضانه هو معهد "سيمكننا من الخروج من تكرار ماتلقيناه من الماضي دون أن نحلله ونخضعه للتفسير لكي نستطيع التأسيس لنظرة جديدة لجميع الديانات من خلال دراسة النصوص المقدسة دراسة تاريخية". هاجت الجموع الرافضة لسماع كلمة العقل يومها, وخرج من صفوفها من شن على أركون الحملات فقط لأنه عبر عن رأيه, وحين سئل بعد العودة إلى فرنسا عن رأيه فيما أثاره كلامه في المغرب من جدال خصوصا في أوساط الإسلاميين الذيم يناصبونه العداء الدائم, قال أركون مبتسما "إنهم يناصبون مجتمعاتهم العداء, ويناصبون العقل العداء, فلم سأنزعج إذا ماناصبوني أنا أيضا العداء؟"
الشيء المحزن الوحيد في كل الإشراقات التي حملها أركون خلال حياته التي انتهت ليلة الثلاثاء الأربعاء, أن لاوجود لقراء لكتابته في العالم العربي المريض. الرجل مقروء من الأجانب بشكل كبير ومن طرف نخبة قليلة هنا, أما البقية الباقية من القطيع, فأنتم تعرفون بالتأكيد هواها في القراءة إلى أين يسير. رحم الله أركون, ورحم الله العقل العربي عند أمة "الشعبولات" هاته.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
أخيرا سيأتي غيريتس إلى بلادنا. أخيرا سيحل بيننا عريس الكرة الوطنية لكي ندخله على هذه البكر الثيب المسماة كرتنا التي لم يطأها إنسان من قبل, والتي بقيت كالجوهرة المصونة والدرة المكنونة لكي نستعير لغة الأزلية التي تبدو أنها الوحيدة الصالحة لهذه الكرة الكسيحة الموجودة في بلادنا.
من حقنا فعلا أن نحور النشيد الرمضاني الشهير "رمضان جانا وفرحنا به", وأن نحوله اليوم إلى "غيريتس جانا" بعد أن أعيانا طول الانتظار. والأمل الآن أن لانقصى من كل شيء "عاوتاني" حتى والسيد غيريتس معنا. سير عالله وصافي

addahik

الضحك فيه وفيه
نجح برنامجان رمضانيان في دفعنا دفعا إلى طرح السؤال حول الحدود التي يقف فيها الضحك والأخرى التي ندخل فيها إلى التجريح. يتعلق الأمر ببرنامجي حسن الفد "الفد تي في" و"طاكسي ترانت سيس" الكاميرا الخفية وهما معا قدما من طرف القناة الثانية, أحدهما سخر من برنامج تلفزي, والثاني قدم لقطات لمقالب تعرض لها مواطنون مغاربة باستمرار. الكثيرون تحدثوا عن علم أو عن جهل في النازلتين, وحدها الهيئة المكلفة بمراقبة المجال السمعي البصري في المغرب ظلت صامتة, وإن كانت مصادر منها قد تحدثت في "الأوف" لصحافة معينة عن عدم رضا الهاكا على خطوة جمعية حقوق المشاهد بمقاضاة دوزيم, معتبرة أن الجمعية تجاوزت الهاكا ولم تعترف بصلاحيتها, وهو نقاش تافه للغاية بالمقارنة مع النقاش الأكبر المتعلق بقدرتنا على الضحك من كل شيء في المغرب اليوم.
شخصيا لدي موقف مسبق من المسألة مرتبط بتصوري للضحك والسخرية, قوامه الأساسي أن الضحك من كل شيء جائز, وأن مجتمعا مثل المجتمع المغربي, يملأ وقت فراغه الدائم بكل أنواع الغباء الممكن تخيل وجودها على سطح الأرض, هو مجتمع يجب أن يضحك من نفسه قليلا لكي يتخلص من علامات قلة الذكاء هاته. في الأمر حقا الحل الوحيد لكثير من رداءاتنا اليومية التي نعتبر أنها أمر لايرتفع وأننا ملزمون بالتعايش معها مهما وقع.
غير أن المسألة ليست بهذه البساطة إطلاقا. فقد نجح القائمون على تسيير العقل المغربي منذ عقود في منحنا الحصانة ضد الضحك, وفي تعقيمنا نهائيا منه, وتصويره باعتباره جرما يجب أن يمس الآخرين فقط, وأن لايطالنا نحن نهائيا. بمعنى آخر من العادي والمقبول أن تضحك من الآخرين, لكي حين يصل الضحك تلابيبك عليك أن تنتفض هربا منه, وهو أمر له تفسير أكبر في العلاقة التي ظل السياسي يربطها مع الضحك ببلادنا في استمرار.
الكاريكاتير النافذ ممنوع, والضحك السياسي مرفوض, والسخرية اللاذعة مسألة لايمكن قبولها, والنموذج الوحيد للابتسامة المقبولة في الوطن هو ذلك الذي ينبني على تبخيس شخصية المواطن البسيط, واللعب على انتماءاته العروبية أو القروية أو شكل لباسه أو طريقة كلامه أو عاهاته الخلقية والجسدية في الكثير من الأحيان. أما الضحك الذي يحمل بعض العمق, والذي يراد منه الوصول إلى ماهو أكبر من الضحك فمسألة دونها الموت بكل تأكيد.
لنا أن نعدد النماذج الكثيرة على هذا الأمر وسنجد أن المسألة أصبحت ديدنا فعليا, أمرا يتكرر باستمرار, حد التحول إلى ناموس أو قانون غير مكتوب يفرض على ساخرينا أن يلعبوا "في حدود معين", وأن يستوعبوا جيدا أن "الضحك مامعاه ضح", وأنه من اللازم اتخاذ الحيطة والحذر لئلال ينقلب السحر على الساحر, و"يجي الواحد يضحك شوية يهجروه ليه".
المسألة ذاتها نحياها في الصفحة الساخرة التي أطلقتها "الأحداث المغربية" منذ سنة ونيف. القراء يتفاعلون مع الصفحة بشكل جيد للغاية, تعليقاتهم عليها وطريقة متابعتهم لها تكشف أنهم وجدوا فيها شيئا يريدونه, والعديد من الفاعلين في المجالات العامة المغربية يعبرون عن إعجابهم بها, ويصرون حين تتناول شخصية ما على أن يعبروا عن رضاهم التام على طريقة تناول تلك الشخصية. فقط حين تمس السخرية ذواتهم, هنا يصبح للكلام معنى آخر. كبار المنوهين بالصفحة يصبحون أشرس أعدائها, والمصطلحات والأوصاف الجاهزة تخرج من أغمادها لكي تعبر عن ضيق أبدي بالضحك الحقيقي في نهاية المطاف.
ماهو مشكلنا مع الضحك في الختام؟ مشكلنا معه أن جهة ما صورته لنا باعتباره خطيرا. أمرا لايجب التسامح معه. هذه الجهة تعرف أن السخرية هي أشرس سلاح يمكن للضعيف أن يعثر عليه في مواجهة الحياة, لذلك هي تحرص على ألا تترك هذا السلاح بين أيدينا. ولأجل ذلك هي تسعى لتصويره بشكل خاطئ تماما, بتقديمه إلينا كالخطر الذي يتهددنا جميعا والذي سينتقص من هيبتنا إذا ماتسامحنا معه, وسيمكن الآخرين من الضحك منا.
المسألة ليست قطعا بهذا الشكل. ففي بلدان مثل بلدنا إذا ماجربنا الإيمان فعلا بهذه العقلية الديكتاتورية وواصلنا قمع الابتسامة الرصينة في دواخلنا ومنعنا السخرية الهادفة من الوصول إلى مكامن الخلل العديدة _ وماأكثرها تبارك الله _ وحرصنا على أن نتجهم جميعا لكي نبدو جديين (علما أن السخرية الحقيقية ليست نقيضا للجدية عكس ماقد يتصوره بعض البهلوانات) فإننا سننجح في شيء واحد فقط: أن نقتل قليل الحياة الموجود فينا. أن نتحول جميعا إلى موتى لايتحركون لضحكة, ولا تهزهم القدرة على الابتسام, ولايملكون لا الرغبة ولا الجرأة على جعل الضحك دواءا لكل عللهم المستشرية فيهم, والتي يرفضون الاعتراف بها, رغم أنهم يشاهدونها رؤى العين يويما لكنهم يحاولون كذبا إقناع أنفسهم بالعكس.
اتركوا للضحك بعض المتنفس وقليلا من موطئ القدم في هذه الديار, فهو آخر ماتبقى لنا وسط الملهاة المبكية...المضحكة التي يقترحها علينا أكثر من طرف في بلاد العجائب المليون هاته.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
أرعبني الزميل فؤاد مسكوت وهو يقص لي نماذج من بعض الذين تسللوا إلى مهنتنا المسكينة هاته في مدينة الجديدة, وجعلوا منها وسائل اغتناء غير شرعية, خصوصا منهم أولئك الذين التحقوا مباشرة بالحرفة من السجن حيث كانوا يقضون عقوبات حبسية بتهم مختلفة, ودفعني دفعا وهو يحكي إلى طرح السؤال عن إمكانية الاستمرار في حرفة مثل هاته يشتغل فيها معك دون أدنى إشكال أناس لاعلاقة لهم بها, يخرجون من "الحباسات" لكي تعطيهم جهة ما داخل البلد إمكانية إصدار جرائد والتحول إلى مدراء لها.
جهة ما يجب أن تتحرك وإلا فإن على القلة التي تحترم نفسها بيننا أن تغير العتبة, وأن تذهب للبحث عن مورد رزق آخر غير هذا الذي اتسخ بكثير الأشياء.

الخميس، 16 شتنبر 2010

في الواجهة - عمود الأربعاء 15 شتنبر 2010

خليوه يحرقو !
هل هناك مكان لعقل عربي صغير اليوم في هذا التابوت الذي نعيش فيه؟ هل نستطيع أن نعثر على عاقل واحد في مجرة المهابيل هاته التي نقطنها والتي تسمى مجازا العالم العربي؟ مؤخرا نجح قس متطرف كان مغمورا أياما قليلة قبل إعلانه نيته إحراق القرآن الكريم لكي يشعل في تابوتنا هذا نارا لم تنطفئ بعد.
البعض هدد بالانتقام _ بالمناسبة لم يثبت إطلاقا أن انتقم المسلمون أو العرب لمكروه مسهم أو مس دينهم مثلما يقولون في عصرنا الحديث _ والبعض قال إنها بداية الحرب العالمية الثالثة, والبعض الثالث دعا للضرب بيد من حديد على يد هذا القس الذي تجرأ وقال إنه سيحرق القرآن. ولا أحد قال "دعوه يحرقه ياجدعان, فلدينا منه النسخ الكثيرة, ولدينا أناس يحفظونه في صدورهم". ولا أحد قال "وماذا سيضير كتابنا المقدس أن يحرقه قس متطرف لايعرفه إلا أتباع كنيسته الصغيرة؟
العكس تماما هو الذي حصل, والكل وجد نفسه في قلب مزايدة غبية لكي يثبت أنه يغار على القرآن الكريم أكثر من المسلمين الآخرين. في ختام هذا المقلب غير الطريف كثيرا أعلن تيري جونس أنه لن يحرق أبدا القرآن, وبالمقابل أحرق المسلمون أعصابهم, وأحرقوا الرايات الأمريكيةو وأحرق بعضهم الأناجيل, وأحرقت الأغلبية سجائر عديدة مباشرة بعد انتهاء رمضان في انتظار أن تتأكد من قدرة القس على تنفيذ تهديداته البليدة.
وماذا بعد؟ والو. لاشيء. انتهى هذا المقلب السخيف مثلما انتهى قبله مقلب الكاركاتيرات الدانماركية, حين خرجت الجموع في عالمنا الإسلامي بجدية لكي تطالب بمقاطعة الأجبان ومشتقات الحليب وكل ماتنتجه الأبقار الدانماركية, دون أن نعرف من الأحق بالمقاطعة فعلا: أبقار الدانمارك أم أبقارنا المحلية الصنع والمنتمية لسوء الحظ لجنس البشر رغم التصرفات البقرية الواضحة.
هل سيتكرر هذا المقلب؟ يوووووه, مثلما يقول المصريون. سيتكرر كثيرا. في كل مرة تلعب ذبابة في رأس متطرف أو معتوه في مكان ما من العالم بالقيام بشيء فيه إساءة لهذا الدين _ كبرت أم صغرت _ ستخرج المظاهرات, وستعتلي السيارات تلك الشعارات الشهيرة "لبيك يارسول الله, كلنا فداك ياكتاب الله", وسيصرخ العديدون غضبهم, وسيقولون إنهم مستعدون للموت دفاعا عن كتاب الله, وعن رسول الله, وعن مقدسات الله.
طيب, لامفر من التنويه بأصحاب النيات الحسنة في كل هذا. أناس مسلمون عاديون يعتبرون أن البعض يستهين بدينهم ويريد له باستمرار الإهانة تلو الإهانة. لكن التنويه لايعفينا من طرح السؤال: من السبب في الخلط الواقع اليوم لدى الغربيين بين إسلام القاعدة وبين إسلام بقية المسلمين؟ الكثيرون سيردون القاعدة والحركات المتطرفة هي المسؤولة, لأنها روجت عن ديننا تصورا متطرفا يرى في قتل الأبرياء جهاداو وفي اختطاف السياح ونحرهم هرولة مؤكدة نحو الجنة. لكننا ملزمون بأن نقول كلاما آخر: المسؤول الفعلي هو هذا الرأي الرائج في العالم الإسلامي المؤيد بشكل أو بآخر لإسلام القاعدة وإسلام المتطرفين لا إسلام المسلمين العاديين.
علينا أن لانكذب على أنفسنا بأن نقول إن أغلبيتنا متسامحة ولا تؤمن ببن لادن وجهاده الكاطب. الحق اليوم داخل الشارع العام العربي هو العكس تماما. صور بن لادن تعتلي المظاهرات. صور نصر الله تنافسها, وشعارات العنصرية ضد المسيحيين واليهود لها الغلبة على ماعداها من شعارات في أغلب مظاهراتنا, وخطاب الحقد والكراهية هو القابل للرواج أكثر وهو الذي يستهوي الجموع أو لكي نسميها التسمية الأخرى الأقرب لما تفعله هو الذي يستهوي القطيع.
لذلك وفي غمرة حماسنا لاستعداء الكل علينا, لابأس أن نتذكر مانفعله نحن في الآخرين. لابأس من أن نطرح السؤال بعد مرور تسع سنوات على الحدث الذي هز العالم بأسره أي حدث تفجير الوورلد تريد سنتر: شنو هو هاد الدين اللي كيسمح لمنتسبين ليه بقتل ألفين ديال خلق الله فنهار واحد؟ هذا الدين لكي نكون واضحين لاعلاقة له بديننا الإسلامي الذي جلبنا عليه. هذا الدين هو دين متطرفي السياسة المتأسلمين ونحن منه براء. والمعركة الكبرى في العالم الإسلامي اليوم هي أن نقيم الفرق بين المسلمين إسلامنا العادي وبين هؤلاء القتلة اللذين يختفون وراء ديننا لكي يلصقوا به كل هذه التشوهات.
من سيخوض هذه الحرب؟ طبعا لاحاجة للاعتماد على الأحزاب السياسية في العالم العربي, فهي منشغلة بما هو أهم: تدبير أمر الكراسي بينها, بل والتلويح بإمكانية التحالف يوما مع هؤلاء القتلة شرط أن يضمنوا لها البقاء فقط لاغير والاستفادة من الكراسي ومصالحها.
الأمل كله اليوم في جيل جديد في هذا التابوت الممتد من الماء إلى الماء, يفتح عينيه جيدا, يطرح الأسئلة اللازمة الطرح وإن كانت موجعة أو مغضبة, ويستطيع عبر العثور على إجاباتها _ عكس الجيل السابق الذي لم يستطع العثور لا على الأسئلة الصالحة ولا على الأجوبة طبعا وأضاع لنا زمنا كبيرا من أعمارنا في الهباء _ أن يمر إلى مرحلة نقل هذه الإجابات إلى التطبيق.
هو حلم بعيد لكنه ليس مستحيلا بكل تأكيد. في انتظار ذلك "خليوه يحرقو آلمكلخين", فلن يضر متطرف مغمور دينا عظيما مثل الإسلام فقط بحرق نسخة منه.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
كدنا نعيش لولا لطف الله تكرار حادث مكناس وجامعها الشهير باب البرادعيين بمناسبة عيد الفطر الأخير حين انهار سقف مسجد على رؤوس المصلين في سباتة بالدار البيضاء.
التساؤل اللازم اليوم هو عن الحملة التي قادتها وزارة الأقاف والتي أقفلت بموجبها العشرات بل المئات من مساجد المملكة وعن مدى نفع هذه الحملة في رفع الضرر عن المصلين.
المساجد أصبحت تقتل في بلدي. واهادي زوينة

الثلاثاء، 14 شتنبر 2010

في الواجهة - عمود الإثنين 13 شتنبر 2010

فضيحة في الجزيرة
ما الذي يقع مجددا في مكتب الجزيرة الرباطي؟ ما الذي يحدث؟ وأين ستنتهي الفضائح المتتالية لهذا المكتب التي وصلت الآن حتى الجارة موريتانيا مما نشرنا تفاصيله يوم الخميس الفارط؟
الحكاية ابتدأت عندما أنجز مكتب الجزيرة في الرباط روبرتاجا حول مرضى السرطان الموريتانيين في المغرب وذلك في نهاية يوليوز الماضي, بث الروبرتاج ضمن فقرة "من الناس" و أنجزه الزميل عبد الحق السحاسح وقدم صورة عن وضعهم وقدم كضيف شخصا يسمى أحمد ولد الحضرمي بصفته رئيس جمعية مساعدة مرضى السرطان الموريتانيين بالمغرب لم تخل تصريحاته من معطيات سلبية تجاه الواقع الصحي في موريتانيا حيث اتهم السلطات هناك بإهانة المرضى, وصورها باعتبارها دولة متخلفة للغاية ترمي بمواطنيها إلى الشارع.
هذا الحدث خلق تفاعلات كبيرة وردود فعل غاضبة وصامتة لدى السلطات الموريتانية التي فضلت التريث ريثما تبلور الطريقة المثلى للتعامل معها لعلمها أن الأمر وراءه خلفيات أخرى. ولم تمر إلا أيام قليلة حتى خرج رئيس الدولة بنفسه محمد عبد العزيز بنفسه خلال استقباله للصحافيين الموريتانيين بمناسبة مرور عام على تنصيبه رئيسا للجمهورية فأدلى بتصريح شكل هو المفاجأة حيث اتهم الرئيس أحمد ولد الحضرمي بالتحايل على المرضى الموريتانيين بالخارج وبتقمص شخصية أحدهم وانتحال صفة باستعمال جواز سفره بل إن رئيس الدولة الموريتانية تعهد أمام الصحافيين بالقبض على هذا الشخص في قت قصير.
ماتوعد به الرئيس أعلنه يوم الأربعاء الفارط وكيل الجمهورية في نواكشوط من خلال تصريح رسمي قدم فيه خبر إلقاء القبض على أحمد ولد الحضرمي عند الحدود الموريتانية وهو عائد من المغرب مرورا عبر الجزائر بجواز سفر مالي. وتزامنت تصريحات الرئيس مع تقدم عدد من المواطنين الموريتانيين المصابين بالسرطان والمقيمين في المغرب بشكاوى ضد ولد الحضرمي أياما قليلة بعد بث البرناج التلفزي
الجديد في الأمر أن هذه التهمة أضيفت إليها تهمة أخرى في بلاغ وكيل الجمهورية حيث أضاف أن ولد الحضرمي سيتابع بالإبلاغ الكاذب عن سيارات مفخخة وتهديدات إرهابية محتملة ضد الجيش وضد مراكز حساسة في العاصمة الموريتانية بغاية الابتزاز والحصول على أموال مع مايمثل هذ الأمر من استقرار للأمن الموريتاني.
هنا بالتحديد دخلنا منطقة حساسة للغاية المحور الكبير فيها هو التساؤل عن حدود الإساءات التي يمكن أن تأتي من مكتب الجزيرة الرباطي لبلدنا. علينا أن لاننسى أن لموريتانيا وضعية خاصة جدا في المغرب, فهي أولا البلد المغاربي الذي تجمعنا به أفضل العلاقات, وهي ثانيا طرف رئيس في قضية وحدتنا الترابية وموقفها المتوازن يميل بشكل غير معلن لاعتبارات سياسية طبعا لصالح المغرب, ولايمكن إطلاقا أن نقبل بأي لعب في هذا الاتتجاه من شأنه أن يسيء لعلاقتنا بالجارة.
وحين نعرف أن مكتب الجزيرة الرباطي يشتغل دون مدير منذ فاتح يونيو الفارط حين غادره عبد القادر خروبي في اتجاه الدوحة عبر لندن لأنه يحمل الجنسية البريطانية إلى جانب الأخرى الفلسطينية’ نتساءل على سبيل التساؤل لاغير عن كيفية تسيير مكتب لقناة هي الأهم عربيا دون مسؤول في الوقت الذي يستحيل فيه أن تشتغل جرائد مغربية صغيرة دون وجود مسؤول عنها.
واضح اليوم أن ثمة خللا في علاقتنا بهذه القناة, فيه جزء رئيسي يعود إلى التوجيهات القادمة من التحريرالمركزي بالدوحة, لكن فيه جزءا لايمكن إهماله يتعلق بمايقع داخل المكتب الرباطي الذي تحول إلى قلعة من قلاع "معارضة" غريبة من نوعها في تعارض كامل مع الحياد الذي ينبغي على الصحافي أن يلتزم به. وإذا أضفنا لغياب خروبي الذي استدعته القناة بعد تقرير أنجزه عن وضعيته في المغرب لتعزيز تحريرها المركزي, غياب إقبال إلهامي التي عادت من مصر في الآونة الأخيرة فقط, وتوقف أو توقيف الصحافيين بنصالح والبقالي عن العمل, سنجد أن المكتب يسير بعنصرين فقط السحاسح وفاضل مايفتح المجال لكل الارتجال الواقع فيه حاليا, ومايفتح المجال أمام سؤال من نوع آخر إن لم تكن الجزيرة قد قصدت عمدا الإساءة للمغرب عبر إفراغ مكتبها ةتركه دون "قائد" بعد أن وصلت علاقتها بالسلطات المغربية إلى الباب المسدود.
المسألة تهم وزارتنا في الاتصال أيضا التي تسكت عن وضعية شاذة مثل هذه وتقبل على نفسها أن يشتغل مكتب أكبر قناة إخبارية في العالم العربي دون مسؤول عنه يتحمل مسؤولية مايتم بثه عبر هذا المكتب, مايطرح سؤالا آخر حول التصريحات والتراخيص التي تمنحها هذه الوزارة, ومدى مراقبتها لها ومدى اهتمامها بتداعياتها على المستوى الداخلي, لكن أيضا على المستوى الخارجي الذي يمس علاقتنا بدول نرتبط معها بملفات غاية في الحساسية.
شيء ما ليس على مايرام في كل هذا الملف منذ الخطأ الكبير لنبيل بنعبد الله يوم سعى بكل الوسائل لتمكين الجزيرة من موطئ قدم في هذا البلد, وحتى اللحظة الحالية التي لانعرف فيها كيف ستنتهي العلاقة بين الطرفين, وهل ستنتهي أصلا؟ أم أنها ستظل على نفس الموجة من التوتر المسيء للبلد أولا ولجيرانه الآن انطلاقا من أرضه, وهذا هو الجديد القطري هذه المرة, في انتظار المزيد طبعا.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
تنويهنا بقسم البرمجة في دوزيم بقيادة زهير الزريوي لم يمر دون إثارة بعض النقاش. قراء نبهونا إلى أن قسما آخر بالقناة يستحق التنويه على عمله فعلا هو قسم التخييل بقيادة نجيب الرفايف الذي استطاع تقديم منتوج متنوع حاز إعجاب الناس بكل آو بآخر، فيما آشار آخرون إلى أن القناة التي يبغي أن يدق ناقوس الخطر بخصوصها هي قناة "السادسة" التي تبث في مساجد المملكة ورغم ذلك لايشاهدها أحد، في الوقت الذي تحظى فيه إقرأ وقنوات الخليجيين الدينية بنسبة مشاهدة خرافية داخل المغرب.
اللهم قد بلغنا، اللهم فاشهد.

الاثنين، 13 شتنبر 2010

في الواجهة - عمود العيد السعيد

التوبة من الفن ؟!
رأيت الفنان عبد الهادي بلخياط في ختام مسابقة تجويد القرآن الكريم, واستمعت لما أداه من "أغان" أو مايمكن أن نطلق عليه تجاوزا "أغاني" وتساءلت مع نفسي عن السبب الذي يمكن أن يجبر أسد الأغنية المغربية على أداء مواويل وأمداح لاترقى لمستوى قامته الفنية الكبيرة. أحترم كثيرا رغبة الفنان بلخياط في القطع مع مرحلة معينة من تاريخه الفني, وأحترم اختياراته القيمية, لكنني لاأفهم السبب الذي سيجعل فنانا من حجمه يسيء بنفسه لفنه الذي قدمه لأجيال من المغاربة, هكذا وبجرة قلم.
عبد الهادي بلخياط هو "قطار الحياة", هو "القمر الأحمر" هو الروائع التي تغنى بها المغاربة أجيالا وأجيالا, وليس من حق عبد الهادي في العمر الذي بلغه اليوم أن يقدم أي شيء بحجة أن ذلك الشيء الذي يقدمه هو أمداح دينية, مايعني أن علينا القبول بها كيفما كان الشكل الذي أتتنا به, ودونما اعتبار لقيمتها الفنية, لمستوى كلماتها, للحنها, لطريقة تلحينها, ولطريقة أدائها. ولو تعلق الأمر بمغن آخر غير عبد الهادي لقلنا "هانية" وتجاوزنا, لكن الأمر يتعلق بكبير الأغنية المغربية. وحين يتعلق الأمر بالكبير عليه أن يحسن الاختيار فعلا, وأن يكون تحوله إلى الأناشيد أو الأمداح تحولا في مستوى القيمة الفنية التي بناها حجرة حجرة على امتداد سنوات.
هذه التحولات في الفكر لدى الفنانين شيء محترم لأنها تمس الطبيعة الشخصية للفنان, لكن خروجها إلى الساحة العامة وتقبل البعض لها ورفض البعض الآخر أمر طبيعي أيضا مادام ذلك الفنان ملكا للناس جميعا. لذلك حين يقرر الفنان القيام بانقلاب في حياته الفنية ويقرر أنه لن يغني العاطفي بعد اليوم أبدا وسيغني الديني فقط, عليه أن يطرح السؤال: هل أحبني الناس وأنا أغني الديني أم وأنا أغني العاطفي؟ الأمر شبيه تماما بمن يترشح للبرلمان بلون حزبي, ويقوم فور صعوده إلى القبة بتغيير الانتماء. لافرق إطلاقا.
وقد عشنا في شهر رمضان الذي نودعه هذه الأيام نفس القصة مع مغن من درجة أخرى هو المختار جدوان الذي خرج في حوار مطول معه الشهر بأكمله عن التغير الذي وقع في حياته وقرر بموجبه الاعتزال عن الفن والتوبة إلى الله. التوبة "زينة, هادي مافيهاش الشك, ولكن التوبة مناش بالتحديد؟" هذا هو السؤال. يصنع الفنان تاريخه وثروته وإسمه من الفنو وحين يصل إلى درجة الإشباع الكاملة يقرر أن الميدان الذي صنع فيه إسمه وثروته ومده هو ميدان غير صالح ويجب أن يتوب عنه. في المسألة تناقض كبير ولا شك, خير رد عليه أن يقوم الفنان الراغب في التوبة بالتصدق بكل المال الذي جناه من الميدان "الحرام" الذي تاب عنه, وأن يبدأ من الصفر من ميدان آخر.
هنا سنصفق له فعلا, وسنقول "هذا الرجل يقول مايفعل", أما أن يجني المرء ملايين كثيرة من ميدان الفن, وأن يقرر في لحظة من اللحزات لآن يسثمر المال الذي جمعه لسنوات عديدة في ميادين لاعلاقة لها بالفن لأن الفن "حرام", ويعلن أنه تاب منه, ففي المسألة نفاق كبير, والعياذ بالله من المنافقين.
النموذج الأبرز عربيا لهذه المسألة هو الحاج حسن يوسف. الممثل المصري الشهير الذي شبع قبلا وعناقا في كل ممثلات الأبيض والأسود قرر في سنوات التسعينيات أن يتوب من الفن وأن يعود إلى ربه, وأن لايؤدي إلا الأدوار الدينية, فلعب شخصية الشيخ متولي الشعراوي, وقال قولته الشهيرة بعدها "من لعب دور الإمام الأكبر لايمكنه أن يلعب دورا آخر إلا أدوار صحابة النبي صلى الله عليه وسلم". قلنا جميعا آمين, وصدقنا أن الرجل تاب فعلا وأنه لن يؤدي إلا الأدوار الدينية.
أكثر من هذا تحول الرجل إلى مفتي في المسائل الفنية مثل زميلته سهير البابلي الفنانة القديرة والداعية الفاشلة, وأصبح يوزع صكوك الغفران على من يرى أنه يستحقها, ورغم ذلك قلنا لابأس. سنوات بعد ذلك وبالتحديد في شهر الصيام هذا, فاجأنا حسن يوسف بلعبه لدور تافه للغاية رفقة ممثلة أتفه هي غادة عبد الرازق التي أمضت رمضان كله في تغييير ملابسها واهتمت بهذه المسألة أكثر من اهتمامها بإتقان لعب الدور الذي شخصته. في التفسير الذي قاله حسن يوسف للصحافة عن عودته الميمونة إلى الميدان أكد أنه اكتشف بأن المسلسلات والأعمال الدينية لاتصل إلى جمهور كبير وأنه فضل الوصول إلى الناس مجددا بمسلسل درامي أكثر انتشارا.
أي رسالة يمكن أن يقدمها مسلسل مثل "زهرة وأزواجها الخمسة"؟ طبعا لاوجود لأي رسالة. كل ما في الأمر هو أن رنين المال استهوى حسن يوسف بعد التوبة مايطرح السؤال كبيرا في الختام: هل يتوب أهل الفن عن الفن لوجه الله حقا أم يتوبون بعد شبعهم المالي, ثم يقررون العودة حين تنقصهم "بعض الدنانير"؟
لامفر من طرح السؤال وإن أغضب مجددا, فديننا هو الذي يتضرر من نوبات التدين المفاجئة هاته, ومن العودة عنها ثم العودة إليها باستمرار.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
انتهي رمضاننا التلفزي بما عليه وبما عليه أيضا، وااستمعنا هذه السنة أيضا للموال ذاته من جانب الناس والصحف التي انتقدت المنتوج الرمضاني الذي قدم إليها، ومن جانب المسؤولين التلفزيونيين الذين اعتبروا أنهم قاموا بواجبهم وزيادة. الآن أتى وقت الحساب، لكن كلمة الحساب هاته ليست كلمة مغربية على الإطلاق، فنحن نفضل عوضها عبارة "ترك الجمل باركا" لئلا نتسبب لبعضنا البعض في أي مشاكل من أي نوع.
لنتركه باركا إذن هذا الجمل، ولننتظر تكرار الكوارث ذاتها العام القادم وكل عام...عيدكم مبارك سعيد على كل حال.

الأربعاء، 8 شتنبر 2010

في الواجهة - عمود الأربعاء 8 شتنبر 2010

المنتخب كيعجبني !
"شفت الماتش ديال المغرب وإفريقيا الوسطى. الدراري مابيهومش" رغم ماسيقوله الكثيرون. تفاجئني هذه القدرة عند الكثيرين على الحديث عن الكرة رغم انعدام علاقتهم بها في الصغر، خصوصا لدينا نحن معشر الصحافيين. أغلب من يكتبون عن الكرة لم يسبق لهم أن داعبوا برجلهم كرة ولم يسبق لهم في الصغر أن دلفوا إلى ملاعب الكرة، لذلك تجد أن أغلبهم التقى بكرةالقدم في الكبر بعد أن داهمته نوبة غيرة مفهومة من أصحاب الكرة الحقيقيين، ولذلك أيضا لاأثق كثيرا بتحليلات زملائنا في الصحافة الرياضية باستثناء أقلام معدودة على رؤوس الأصابع تعرف عم تتحدث.
الأغلبية وجدت نفسها في هذا الميدان صدفة. وعندما تجد نفسك في ميدان ما صدفة تكون كتاباتك حول ذلك الميدان صدفوية، إن لم تكن منتمية إلى جنس "الصحافة الريالية" تلك التي تحب الريال العملة المغربية القديمة، وليس الريال الفريق الملكي الذي يشتري لاعبين كثرا بمال وفير ورغم ذلك لايحقق أي نتائج.
المهم من كل هذا أنني "شفت الدراري نهار السبت ضد إفريقيا الوسطى". فرحت أولا لأن الشماخ عميد الأسود يلعب مع الأرسنال، المدفعجية مثلما يلقبون أو "الغانرز" لهواة التفذلك باللغة الإنجليزية. ليس سهلا أن يكون عميد المنتخب الوطني لاعبا في فريق أرسين فينغر في الدوري الإنجليزي، وهذه أولى حسنات هذا المنتخب التي لاأتصور أننا قد بلغناها مع منتخب وطني آخر من قبل. "المخير فاللعايبيبة القدام كان تيلعب معا ديبورتيفو، ولا ماترا راسينغ"، لذلك علينا أخذ هذا المعطى بعين الاعتبار والنظر إليه باعتباره دلالة تقدم حقيقي وقع في كرة القدم المغربية.
"شفت الدراري نهار السبت"، ورأيت تلك اللحظة العزيزة على قلوب المغاربة أي لحظة عزف النشيد الوطني مثلما قال مذيع قناة "الرياضية" مشكورا. زميلنا نسي أن يضيف أن هذه اللحظة آصبحت تعني لكل المغاربة في كرة القدم لحظات انتظار صعبة للهزيمة أو الإقصاء، لكن هذا لايهم. الأهم منه أن الجمهور ملأ جنبات الملعب بشكل مقبول مثلما قال زميله على القناة الأولى. بالمناسبة، في الرياضية كان ولد شهيبة هو الذي يعلق على مباراة المنتخب وفي الأولى كان القيدوم سعيد زدوق. بالنسبة لي ومع احترامي الكامل للصديق ولد شهيبة أرى أن هذا التقسيم في حد ذاته يقول لنا كل شيء عن حالة كرة القدم الوطنية.
في الوقت الذي كان ينبغي أن يشغل قيدومو الإعلام الرياضي الذين تربينا على وقع أصواتهم وهم ينقلون إلينا لقاءات الكرة "يامات العز" المواقع القيادية في القنوات الرياضية المراد إنشاؤها أو استحداثها ويتكلفون بتقديم لقاءات النخبة الوطنية مثلما هو جار في كل دول العالم (في فرنسا القيدومان تييري رولان وجيلاردي هما المكلفان بنقل مباريات الفريق الوطني الفرنسي مهما وقع) نجد أن منتخبنا هان إلى الدرجة التي يمكن فيها لأول قادم إلى التلفزيون أن يعلق على مبارياته دون أدنى إشكال. ألم يعطوا لمستودع أسامة بنعبد الله قناة بأكملها لكي يفعل فيها مايشاء ويصبح "باب" الرياضة الوطنية؟ كيف سيرأفون بالمنتخب بعدها؟
"شفت الدراري نهار السبت". أعجبني تدخل نادر المياغري الذي أنقذنا مرتين أو ثلاثا من أهداف محققة لأصدقائنا الأفارقة الموسطين، وأعجبني يوسف العربي، يبدو عليه أنه لاعب أنيق واعد جدا (خصنا غير نتسناوه يطيب مزيان...باش ناكلوه) وأعجبني اللاعب لحمداوي رغم ماسيقوله الكثيرون. هذا اللاعب بالتحديد لغز كبير في المنتخب الوطني. القنوات العالمية تنقل لنا صوره كل نهاية أسبوع وهو يسجل أهدافا كثيرة مع فريقه الهولندي، ثم يرفع يديه دلالة الحمد والشكر للعلي القدير على توفيقه الذي منحه إياه، لكنه عندما يأتي إلى المنتخب يحمد الله على شيء واحد فقط: إضاعته لضربات الجزاء أو خروجه بعد أن يتضح أنه غير قادر على شيء إطلاقا. أعجبني المهدوفي. اللاعب الجديد للرجاء ولذي اتضح أنه لايتقن اللعب في مركب الأمير مولاي عبد الله. وأعجبني أساسا منصف بلخياط وعلي الفاسي الفهري.
الرجلان معا اتفقا على مايبدو أن يصليا التراويح وأن يطلبا من الله سبحانه وتعالى النصر للمنتخب. وأيقنا بفعل الإيمان الرمضاني أن الله سيستجيب لهما خصوصا وأن المنتخب سيلاعب آخر فريق في الترتيب العالمي. وفي كل مرة كانت الكاميرا تلتقط وجهي منصف وعلي كانت الهتافات تتعالى من كل الجنبات بألفاظ ساقطة للغاية تمكن تلفزيوننا من إيصالها إلينا كاملة وبالتفصيل الممل. أغلبها كانت من "السمطة للتحت" وجمهورنا معذور فيها تماما، فقد أعياه الصبر فعلا، ونفذت حيلته وأصبح غير قادر على شيء مع هذا المصاب الكبير المسمى منتخبنا الوطني.
أعجبني السيد كوبرلي. الرجل لايعرف إن كان مدربا للمنتخب أم مدربا مساعدا أم مدربا ينتظر مجيء أخيه الأكبر لكي يفسر له ماينبغي أن يفعله. عند نهاية الشوط الأول أطلق كوبرلي زفرة طويلة التقطتها كاميرا التلفزة كانت تقول كل شيء عن حال كرتنا: هي تعني "شنو ندير؟" وتعني "مال هاد المساخط؟" وتعني "مصيبة هادي"، وتعني "ولايني كارتة هادي"، وتعني كل مايمكنكم أن تتخيلوه من مصطلحات التأفف من هذه الحالة.
في الختام كيعجبني المنتخب رغم كل ماقد تقولونه عنه، لأنه الوجه الحقيقي للمغرب اليوم. "كيفاش؟" لاداعي للتفاصيل, حالتكم وأنتم مفقوصون بعد كل لقاء تقول لكم كل شيء.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
النجاح الكبير الذي حققته دوزيم بخصوص نسبة مشاهدتها، والتميز الذي تحدث عنه الكل فيما يهم القناة الثانية التي عرفت كيف تبيع منتوجها الرمضاني مقارنة مع أصدقائنا في القناة الأولى يعود إلى الكثيرين، وعلى رأسهم مسؤول يشتغل في الظل يسمى زهير الزريوي يعرف من يقترب من القناة الثانية وعوالمها أنه دينامو فعلي في مجالي البرمجة والماركوتينغ المرتبط بها، وأنه قادر على صنع الكثير من منتوج تلفزيوني لايكون باستمرار فوق مستوى الانتقاد. بعض التنويه ببعض الأسماء التي تشتغل في الظل يبقى أمرا مطلوبا في بعض الأحايين

الثلاثاء، 7 شتنبر 2010

في الواجهة - عمود الثلاثاء 7 غشت 2010

حديث الصباح والمساء
للأديب المصري العظيم نجيب محفوظ رواية أعظم تحمل من الأسماء عنوان "حديث الصباح والمساء", يرسم فيها الكبير جدا بقلمه اللامثيل له تتالي الأجيال والعصور والحقب, ولعبة الموت والحياة التي تجدد للإنسانية كينونتها وتمنحها هذه القدرة الكبرى على الاستمرار رغم الفناء المحيط بها في نهاية المطاف.
في المغرب لحسن الحظ أو لسوئه ليست لدينا قامة أدبية روائية تقترب من نجيب محفوظ, لكننا بالمقابل نتوفر على "حديث الصباح والمساء" الخاص بنا الدائر هذه الأيام على صفحات جريدتين مغربيتين تتبادلان الاتهامات بينهما بشكل يومي ومتواصل. يتعلق الأمر طبعا بزميلتينا "الصباح" والمساء", والجسم القارئ المغربي _ لئلا نقول الجسم المهني لأنه لاوجود لهذا الوهم _ يتتبع بإشفاق كبير, لكن باستمتاع تلصصي مفهوم هذه المعركة الفارغة الجديدة بين قطبي "الصحافة المستقلة" في البلد.
آش واقع بين الجريدتين؟ وما الذي يحدث بالتحديد؟ جرى العرف في مشهدنا الصحفي العجيب أن نتلافى التبئير على مشاكلنا الداخلية إلا حين تكون السيوف مشهرة بيننا, لكننا اليوم نحن سنحاول التنكر لهذه القاعدة, وسنحشر أنوفنا _ وفاء لفضولنا المعروف _ في المعركة الثنائية محاولين فهمها, ومحاولين شرح بعض بواطنها للقارئ المغربي المغلوب على أمره, والذي يظل "نية" على كل حال, والدليل الثقة التي يضعها أحيانا في بعض من لايستحقون الثقة إطلاقا ممن عليك أن تعد أصابعك فور السلام عليهم, لأنهم تعودوا عض اليد التي تمتد لهم بأي خير كيفما كان نوعه.
المشكلة ابتدأت ذات زمن بعيد منذ أن اخترع صحافي قيدوم _ له منا كل الاحترام على كل حال _ وصفا راق للكثيرين بخصوص جريدة "الصباح" التي سرحته, هو وصف "الجريدة التي تقتات على تشوهات المجتمع". يتعلق الأمر بالصحافي السوداني المقيم بالمغرب طلحة جبريل, والذي أوصلته جملته هاته, واحتفال "الصباح" بعيد ميلادها دون ذكر مروره منها تماما مثلما فعلت مع كاتب العمود بها سابقا رشيد نيني, إلى صلح وتوحد غريبين بين الرجلين أثمر كتابا أو حوارا أو شيئا من هذا القبيل ينشر في "المساء" هذه الأيام, ويحمل إسم أو وصف "صحافة تأكل أبناءها".
عندما وقفت "الصباح" على رجليها بعد أن كانت مجرد مشروع عربوفني تابع "لليكونوميست" انطلق للتاريخ من نموذج الجريدة الرائدة في مجال الصحافة المستقلة "الأحداث المغربية" (هذا الكلام ليس للتزويق ولكنه الواقع الذي يمكن أن نسرد قصته مثلما وقعت إذا ماتطلب الأمر ذلك) أصبح لها _ كما هو الحال في الانتصارات كلها _ عدة آباء. أصبح المشروع تجاريا مثمرا للغاية, وكبرت المجموعة الإعلامية التي تأسست حوله, وأصبحت للعديدين رغبة في الاغتناء منه أو الاستفادة من ثمار نجاحاته.
في عز الصعود المدوي للجريدة, وقعت متغيرات كبيرة فيها أبرزها الاستغناء عن طلحة جبريل وتعويضه بحسن العطافي الذي سيخرج من "الصباح" هو الآخر وسيصبح رئيس تحرير "شنو؟" سيصبح رئيس تحرير "المساء الرياضي" للصدفة الماكرة.ومن المتغيرات المهمة طرد الجريدة للصحافي وكاتب العمود بها رشيد نيني الذي صنع شهرته الكبرى في هذه الجريدة بالتحديد قبل أن يحلق بجناحيه بعدها.
ولهذا الطرد بعض الملابسات التي عشت قليلا منها, فيها ماهو صالح للسرد لفهم بعض الأشياء, وفيها ما أفضل تركه سرا حتى حين آخر سيأتي بكل تأكيد. كنت في أصيلة سنتها لقضاء عطلتي السنوية, فاتصل بي رشيد نيني على هاتفي النقال وفاتحني بعبارته الشهيرة "فين آلزعيم؟" قبل أن أتحول إلى واحد من أعدائه الذين يكرههم بشدة لأسباب ليس اليوم ولا الآن أوان تبيانها. قال لي رشيد نيني يومها إن "الصباح طردته وإنه باغي يكبرها وفين مابغات تخرج تخرج وأنه يعد مشروعا إعلاميا جديدا, وأنه باغيهم يزرعو فبلاصت العمود ديالو البصلة, وباغي نخرج فالأحداث المغربية بالضبط".(سأحكي لاحقا قصة باغي نخرج فالأحداث هذه ومغازيها)
أعماني تضامن إنساني معيب يومها عن الأصول المهنية ونشرت الحوار مع رشيد نيني ولم أعط للصباح حق الرد عليه, ثم تطورت الأمور, إلى أن وصلت إلى ماهي عليه اليوم: المساء أصبحت تمثل اتجاها معروفا داخل الأجهزة...الصحفية لكي لايشطح بكم خيالكم بعيدا, تنفذ مهاما متفقا عليها وفق اتفاق يمكن أن نعود إليه في وقت من الأوقات. والصباح التي تمثل بشكل معلن ومعروف التطور التاريخي الشرعي للصحافة المستقلة أصبحت اليوم هي الجريدة التي تقف في وجه هذا التيار الجارف, المشتغل مع أجهزة..."الصحافة".
الحكاية لكي تكتمل لديكم بعض أجزاء الصورة, وأنتم تتابعون "الشرشحة الصحفية" الدائرة بين الجريدتين هاته الأيام, لاعلاقة لها بأصول المهنة ولا الدفاع عنها ولا بأي من الشعارات الكبرى التي يلجأ إليها أول من ينتهك تلك الشعارات.
المسألة ومافيها مرتبطة بثلاث نقط لارابع لها: عمر أولا أي الفلوس أو الدينيرو أو الرزق خصوصا لمن أتاه الرزق بعد إملاق شديد, ثانيا خدمة الأجهزة...الصحفية إياها, ثالثا التنفيس عن كرب وعقد شخصية أتصور أن القارئ المغربي يستحق اليوم أن تصبح من همومه العامة طالما أنه يعطي ثقته "للي يسوا واللي مايسواش", وذلك موضوع آخر سنعود إليه لاحقا, و"عافاكم سمحو لينا على هاد الفضول, ولكن ماعندنا مانديرو ليكم". إنتهى, قلب على السطر وسير ليه.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
حلقة جميلة من "مسار" استضاف فيها بنشكير الأخوة ميكري جميعا من زمن الفن الجميل, والبحث الموسيقي الجاد, وأثثتها فقرات رائعة ضمنها فقرة الجميل مامون الذي أدى كلود فرانسوا الكبير بطريقة يتقنها وحده.
الإخوة ميكري: حكاية مغربية صميم عن فن لن ينمحي من ذاكرة الناس أبدا, طالما أنه يذكرهم بأن المغاربة هم السباقون باستمرار إلى التجديد. شكرا عتيق.

الاثنين، 6 شتنبر 2010

في الواجهة - عمود الإثنين 6 شتنبر 2010

حنا بالله والشرع !
مثلما يحدث حين يصل الخصام منتهاه بين الأزواج وتصيح الزوجة في وجه زوجها "أنا بالله والشرع, القاضي هو اللي غادي يعرف ليك نتا", قامت جمعية جماية المشاهد المغربي بتسجيل موقفها خلال شهر رمضان الحالي من برنامج الكاميرا الخفية الذي تقدمه القناة الثانية دوزيم والذي يحمل إسم "طاكسي 36" وذلك برفع دعوى قضائية لدى المحكمة الابترائية بالرباط لوقف عرض هذا البرنامج.
الجمعية استندت في دعواها على أن البرنامج سجل عدة خروقات أهمها تحريضه على عدم احترام قانون السير, والتلفظ ببعض العبارات العنصرية, مما فصلنا فيه في عدد الجمعة حين نشرنا قرار الجمعية ورد فعل القناة الثانية, ومشاكل أخرى مرتبطة ببرامج رمضان التلفزيونية, مما لاداعي للعودة إليه مجددا.
الذي ينبغي اليوم الحديث عنه فعلا هو السؤال: ما الذي أوصلنا إلى هذا الحد من اللاتفاهم مع تلفزيوننا الذي يستوجب الوصول إلى المحاكم من أجل التعبير عن نقد برنامج تلفزيوني عادي؟
الجواب هو أن تلفزيوننا لايملك مايكفي من الروح الرياضية لكي يقلد التلفزيونات العالمية الأخرى في فتح المجال أمام المشاهدين والمتتبعين لبرامجه للقيام بقراءة شهرية أو أسبوعية أو يومية للبرامج التي تبث على شاشته. لدى المغاربة إحساس أن نقد التلفزيون حرام على هذا التلفزيون. قد نسب تلفزيوننا في الجرائد, قد ننتقد عمله وطريقة قيامه بمهامه فيما بيننا في جلسات النميمة أو المقاهي أو غيرها, لكن أن نحلم برؤية برنامج يتناول الشأن التلفزيوني بشكل علمي ومهني مضبوط لامجال فيه للفذلكات الفارغة, ولا مجال فيه للسب دون ضوابط, ولا مجال فيه إلا للغة التلفزيون فهذا أمر دونه الموت طبعا.
قد يقول قائل إن هناك برنامجين تلتزم القناتان الأولى والثانية ببثهما يحملان معا إسم "الوسيط". لكنني آعتبرهما معا شيئا أقرب إلى المزحة منه إلى أي شيء آخر مع احترامي التام لمن يشرفون عليهما, لأنهما معا يبثان بوتيرة متخلفة هي وتيرة شهرية عاجزة عن مجاراة الإيقاع التلفزي الحديث الذي يتحرك كل يوم، ولأنهما معا يبثان مسجلين مايعطي للرقيب في الأولى والثانية الحق في حذف مايريد وترك المسموح بقوله, ولأنهما معا لايجرؤان على تجاوز حدود المصرح بقوله في تلفزيوننا وهي حدود قليلة جدا، ماينزع عنهما أي مصداقية أو مشروعية لاعتبارهما قادرين فعلا على إيصال صوت الناس مما يبث في التلفزيون المحلي.
أكثر من هذا, لدى مسؤولي التلفزيون الخلط الموجود لدى المسؤولين المغاربة في المناصب الأخرى. فأنت إذا انتقدت برنامجا تلفزيا فأنت تستهدف بالضرورة المسؤول عن تلك القناة أو عن ذلك البرنامج. إذ لاوجود لدينا في العقل المتخلف الجمعي الذي يوحدنا - بحمد الله ورعايته - للفوارق الكائنة بين الانتقاد الشخصي وبين الانتقاد المهني. لذلك يصر مسؤولو تلفزيوننا على اعتباره قلعة محررة تخصهم, لايدخلها إلا من يحظى بالرضا, ويبعد عنها كل من يوسم بالتنطع أو يعرف باللسان الصريح.
هذه المسألة كانت تنفع سابقا حين كان المغاربة سجناء تلفزيون واحد, وكانوا يضطرون "للتعلاق" في الهوائيات رفقة "كساكسهم" لكي يلتقطوا برامج قنوات أخرى تهب عليها نسائم الحرية. اليوم لدينا واقع تلفزي آخر خير تجسيد له العدد العديد من الفضائيات التي تبث مايخطر ومالايخطر لك على بال, مايجعل فكرة الرقابة على مايقوله الناس فكرة تتجاوز الغباء لكي تدخل والعياذ بالله في إطار الهبال, ويجعل المسؤولين الذي يصرون على الاحتفاظ بها نهجا للتواصل خارج السياق نهائيا: سياق العصر الحديث, وسياق التغيرات التي عرفها المغرب وقادها جلالة الملك, والتي تحلم بمغرب آخر غير مغرب الخوف من كل شيء.
وكم يضحكني بعض مسؤولي تلفزيوننا حين أسمعهم يبدون حماسهم للموسيقى الشابة ويقولون إن "نايضة" هي علامة تحرر في المجتمع المغربي علينا جميعا أن نسير وفق هديها, وينسون أنهم الملزمون الأوائل بإظهار إيمانهم بهذه الحركة فعلا لا قولا فقط. " ولانايضة غير فالسروال طايح, مانايضاش فحاجة أخرى؟" .
الحل الفعلي لهذا النقاش الذي يتكرر كل شهر صيام, والذي يأخذ أحيانا أبعادا مشوهة مثلما يقع الآن في قضية اللجوء إلى المحكمة لوقف عرض برنامج تلفزي, هو فتح المجال للناس في التلفزيون لكي تقول ماتفكر فيه, وعدم التخوف من رأي الناس هذا لأنه يعد دافعا حقيقيا لتقديم الجيد الفعلي, لا الجيد الذي ترضى عنه أقلية لاتعرف عن شعبنا ولا عن ميولات شعبنا "الذي بعث", لأنها "شادة على راسها" باستمرار.
من العيب فعلا أن ينعدم التواصل الحقيقي, لا التواصل المزور في جهاز يقوم أساسا على التواصل. هذه هي الخلاصة, ومن أحبها فهو ذاك, ومن لم ترقه, فهناك جدران كثيرة في المملكة عليه أن يختار أسمكها لكي يحاول تجريب قوة رأسه فيه...
في انتظار ذلك، "حنا بالله والشرع معا هاد الناس، واك واك آعباد الله، واعتقو الذوق".
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
بعض الاختيارات الجميلة لبعض الأسماء لتشغل بعض المهام تدفعك دفعا للتنويه بها، وشكر من قام بالاختيار. الشاعر الكبير والمناضل النقي عبد اللطيف اللعبي سيكون رئيس لجنة تحكيم المهرجان القصير المتوسطي للفيلم بطنجة مابين رابع وتاسع أكتوبر المقبل، محاطا بفريدة بليزيد وثريا العلوي وسلمى بكار وبيير روكا.
اختيار موفق لمهرجان أصبح علامة حقيقية في المنطقة المتوسطية. "شكرا شكون عاوتاني؟" شكرا نور الدين الصايل، "زكارة فالغيارة" مثلما غنى بلال، المغني وليس المؤذن طبعا.

الجمعة، 3 شتنبر 2010

في الواجهة - عمود الجمعة 3 شتنبر 2010

تلفزيون آخر
بعد مفاوضات عسيرة للغاية وصفتها المصادر التي حضرت بعضا من تفاصيلها بشبه المستحيلة, تم التوصل إلى منح الضوء الأخضر لقناة "ميدي أن سات" لكي تتحول إلى قناة عامة, وهو ماسيمكن القناة الإخبارية التي انذلقت ذات حلم مغربي فرنسي مشترك من "التحرر" من العبء الإخباري الذي ظل جاثما عليها, وحرمها من تحقيق نسب مشاهدة محترمة في البلد تشفع لها في البقاء ضمن الخارطة التلفزيونية المحلية.
الاستجابة للطلب الذي قدمه عباس عزوزي الرئيس المدير العام لميدي آن سات, هي استجابة تأتي لكي تسجل حدثا تلفزيا مهما للغاية في المغرب, إذ هي بشكل عملي تسجل أول خطوة في نهاية الاحتكار بشكله التقليدي للتلفزيون من طرف الجهة المالكة له في المغرب. لاداعي للتسرع, نحن نعرف جيدا من هي "ميدي أن سات" وما هي شروط "التفويت" الذي تم لها منذ لحظة الانطلاق وحتى اللحظة الحالية, ونعرف أيضا حدود المسموح به في التلفزيون المحلي وهي حدود ضيقة للغاية كي لانقول إنها حدود مستحيلة التجاوز. كل هذا مفروغ منه, لكن ماسيقع في ميدي أن سات ابتداء من هذا الأسبوع أمر يتطلب بعض الانتباه.
لماذا ؟ لعدة أسباب, لعل الأكثر أساسية فيها هو أن هذا التحول لم يكن ليتم لولا الاقتناع الكامل لإدارة القطب العمومي بضرورته. سبب تأخر التوصل إلى هذه الصيغة التي ستسمح لميدي أن سات بالتحول إلى قناة عامة أرضية هو التخوف الذي كان سائدا لدى القطب العمومي وإدارته وبالتحديد لدى فيصل العرايشي من انتهاء مهمة هذا القطب.
مصادرنا قالت إن فيصل العرايشي تلقى كل التطمينات بأنه لامراجعة حاليا للأدوار التي يقوم بها القطب العمومي رغم كل الانتقادات الموجهة إليه, وأن تغيير وضعية ميدي أن سات يسير في نفس سياق العمل الذي يقوم به قطب العرايشي, وأنها ستشكل بصيغة أو بأخرى "دوزيما" من نوع ثان ستقدم الإضافة التي لن يستطيعها القطب وقنواته لأسباب تتراوح بين الذاتي والموضوعي مما يتم التفصيل فيه باستمرار في المقالات والمتابعات النقدية لعمل تلفزيون الرسمي يوميا في الصحافة المغربية.
الصيغة التوليفية التي تم التوصل إليها في ميدي أن سات تقضي بالمحافظة على الطابع الإخباري للقناة من خلال عدد النشرات الكبير والمستمر الموجود بها, مع دخول الغناء والترفيه والبرامج الموسومة ببرامج القرب إلى شبكتها وتنويع الوعاء البرامجي للقناة ككل والهدف هو "التموقع داخل السوق الإشهارية المغربية", دون مضايقة القناتين المتحكمتين حاليا في سوق الإشهار التلفزي المحلي. رب قائل يقول إننا "درنا دورة كبيرة ورجعنا " لما تم الحديث عنه إبان رفض الهاكا منح تراخيص لتلفزيونات جديدة حين قيل إن السوق الإشهارية لاتتحمل دخول فاعلين جدد للميدان.
قيل حينها إن التبرير الذي أعطته الهاكا هو مجرد ذريعة لتعبيد الطريق أمام تسوية وضعية ميدي أن سات, وهو مايتم بالحرف اليومو لكن معارضي هذا التفسير يقولون إن السوق الإشهارية اليوم تخضع لقانون العرض والطلب اعتمادا على معطى جديد دخل ساحتها هو معطة أرقام نسب المشاهدة والمتابعة مايعني أن الفاعل الإشهاري سيختار وفقا للأرقام التي تصله القناة التي سيعتبرها الأقدر على إيصال منتوجه التجاري إلى أكبر عدد من الجمهور. كلام منطقي ومعقول لو كنا في بلد يمنح الإشهار فعلا وفق قانون العرض والطلب هذا وليس وفق قانون القرب بمعناه الآخر الذي يعني التبعية لا المعنى الجيد الذي يعني الاقتراب.
أسبوعنا الحالي شهد بدء المفاوضات من أجل تغيير دفتر التحملات الذي وقعت عليه القناة منذ حوالي التسعة أشهرو وهو التعديل الذي يفرض نفسه من أجل البدء في الاشتغال وفق الصيغة التوليفية الجديدة, لكن ما يهم المشاهد المغربي أكثر من العبارات التقنية التي قد لايفهمها أو قد لاتعني له شيئا مهما هو أن يتوفر له تلفزيون أخر قادر على الاستجابة لبعض من متطلباته الفرجوية الكثيرة في الميادين كلها التي قد يتطرق إليها التلفزيون. والاعتقاد يسود اليوم لدى المتتبعين للفعل التلفزيوني المحلي أن قناة مثل "ميدي أن سات" قادرة فعلا على أن تلعب دورا أكبر من الذي لعبته إلى حد الآن.
هذه قناة توجد على مرمى حجر من الحضارة, أي من أوربا وتوفرت لها منذ إنشائها ما لم يتوفر للقنوات الأخرى من الظروف المساعدة على التألق, لكن كثيرا من تخبط البدايات الذي يبدو في نهاية المطاف أمرا مقبولا ساهم في عرقلة المسيرة. واليوم وهي تحظى بفرصة تجديد أخرى لنفسها أتصور أنه لايحق لعزوزي ومن معه أن يضيعوا الفرصة ثانية.
المغاربة في حاجة إلى تلفزيون آخر. وفي ظل المعطيات المتوفرة اليوم, لايمكن إلا لميدي آن سات ودوزيم بشكل أو بآخر (علما أن هذا الموضوع لوحده يلزمه كثير الكلام) أن تلعبا هذا الدور لئلا يفقد المشاهد المغربي كلية الأمل في تلفزيونه المحلي. إذا لم يكن قد فقد هذا الأمل أصلا, و"حنا مافخبارناش".
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
عجيب أمر القذافي. رغم كل ماقد يقال عنه إلا أنه قادر فعلا على إثارة الحماس والإعجاب ببعض خطواته الطريفة. آخرها اقتناعه بأهمية المرأة الجميلة في تحسين الفعل السياسي، وإصراره على أن يلقي خطبته في إيطاليا أمام جمهور مكون فقط من الحسناوات اللائي تقاضين مايناهز المائة يورو لكي يملأن الفضاء البصري أمام فخامة العقيد وهو يخطب في الطاليان.
السؤال الأهم "دابا" وهو موجه للسفارة الليبية الشقيقة في الرباط: هل استمعت الحسناوات للقذافي وانصرفن أم أنه احتفظ بهن من أجل خطاب هامشي إضافي؟ أجيبونا يرحمكم الله

الخميس، 2 شتنبر 2010

في الواجهة - عمود الخميس 2 شتنبر 2010

"الجماعة" والجماعة
أتابع هذه الأيام بشغف كبير مسلسل "الجماعة" لوحيد حامد. أكتشف فيه يوميا قدرة المبدع التلفزيوني الحقيقي على صنع "العجب" إذا ماأراد ذلك, وإذا ماتوفرت له الخلفية الثقافية والمعرفية والفكرية للكتابة, لا الخلفية الأخرى التي تتوفر لأصدقائنا الذين يكتبون لنا في التلفزيون المحلي, والتي لاتصلح إلا للجلوس عليها بالنسبة للذكور, وتصلح لمآرب أخرى بالنسبة للإناث, وتصلح لخيار ثالث لأصحاب الجنس الثالث, ونحن نمزح فقط قبل أن يبدأ في سبنا "شي مرمضن ولا مرمضنة" مم لايعجبهم كلامنا باستمرار.
في الجماعة يبلغ وحيد حامد شأوا عظيما في الكتابة للتلفزيون. هو يرفعها مرة أخرى إلى مصاف الفعل الإبداعي, ذلك الذي بلغه أسامة أنور عكاشة ومن كان على الشاكلة, والذي يقف على النقيض تماما من الرأي الذي يقول إن الكتابة للتلفزيون هي كتابة للسيار العادي, الممكن تجاوزه بعد حين. مع أسامة أنور عكاشة الذي رحل عنا منذ مدة غير بعيدة ومع وحيد حامد ومع أناس من نفس القامة, تصبح الكتابة للتلفزيون شبيهة تماما بالكتابة باختصار, عملا أدبيا قائما على أسس واضحة لايصلها من يريد ذلك, ويتطلب إتقانها الحقيقي التوفر على كم غزير من الموهبة أولا وقبل كل شيء, ثم على قدرة حقيقية على التنقيب والبحث العلميين والأكاديميين, والقدرة على القراءة المكثفة, تلك التي لايكتمل فعل الكتابة الجيد إلا بها.
الدليل على أن "الجماعة" تميز فعلا؟ رد فعل الناس الذين يكتشفون عبر وسيلة القراءة الأولى في العالمن العربي أي التلفزيون حقيقة منظمة تسمى "الإخوان المسلمون", وكذا ردود الأفعال الصادرة عن المعنيين الأوائل بهذا المسلسل أي عن تنظيم "الإخوان". المرشد يعبر عن تبرمه من المسلسل, ويعتبر أن النظام المصري يفعل كل مابوسعه لكي يشوه صورة الإخوان, إبن حسن البنا يرفع دعوى استعجالية لوقف عرض المسلسل, في تطبيق بليد لمفهوم الرقابة الغبية يذكرنا "بالدراري ديالنا هنا" من العدل والإحسان إلى العدالة والتنمية وبقية ألوان الطيف الأصولي الذي يطالبون مع خروج كل فيلم جديد أو مسلسل "لايعوم على عومهم" بإيقافه وشنق مبدعيه في الساحات العمومية.
بالنسبة لنا نحن المغاربة أعرف عددا كبيرا من الناس الذين يحسون بالألم وهم يتابعون هذا المسلسل. السبب؟ سهل للغاية. هم يشعرون أن مايفعله وحيد حامد ومحمد ياسين في هذا المسلسل رائع باختصار, ولكنه أمر بعيد جدا عن أرنبة أنوفنا. هؤلاء أناس فهموا أن التلفزيون ليس فقط وسيلة للتجهيل, وليس وسيلة للتتفيه, وليس وسيلة للاغتناء السريع مثلما يفعل بعض المنتجين لدينا. التلفزيون ليس جواج فقط, ليس "بنيقة" تستدعي إليها المغاربة بعد الإفطار وتحبسهم فيها وتضحك منهم في الأخير عوض أن تضحكهم. التلفزيون ليس كاميرا خفية متفق عليها فقط, وليس برنامجا "باطار" يعجز كل المتتبعين وعلماء التلفزيون المحليون والأجانب (واخا ماكاينينش هاد المحليين ولكنها القافية المبتذلة) في تديد ماهيته وجنسه.
التلفزيون ليس أداة لجعل الناس كائنات "حمارة" فقط. التلفزيون قد يكون مرآة لتدريس تاريخنا الحديث مثلما يفعل مسلسل "الجماعة". قد يكون وسيلة نقول عبرها لشعبنا الأمي بعض الحقائق التي لن يعرفها إذا مااسترت دفينة الكتب والصحف والمجلات. التلفزيون ليس "شكارة" فقط وعلاقات وشبكة صداقات ملتبسة تنتهي بمنح مسلسلات وسلسلات وبرامج مثل الصدقات بهدف الإسكات والإغناء السريع فقط. التلفزيون قد يكون وسيلة رفع من المستوى الحضاري للناس, وسيلة للترقي بهم ثقافيا وسياسيا, وسيلة لجعلهم كائنات قابلة لمخاطبتها بلغة العصر الحديث عن أشياء تهمها أولا وقبل كل شيء, وتهم مستقبل أبنائها فيما بعد.
حين رأيت حلقة "الجماعة" التي تعرضت لعمرو خالد وفضحته مثلما فضحت أمثاله من علماء التلفزيون الذين يستغلون جهل الناس بدينهم لكي يغتنوا على حسابهم وعلى حساب هذا الدين العظيم المسمى الإسلام, قلت لنفسي "من المستحيل أن يسمح تلفزيوننا في يوم من الأيام لمسلسل مثل الجماعة بأن يمر على شاشته". مسؤولونا مصابون _ الله يستر _ بالرعاش الإكلينيكي, وهي عبارة لاوجود لها تعني الخوف المزمن من كل شيء. وإلا تصوروا معي لو أن تلفزيوننا ومبدعي تلفزيوننا فاجؤونا خلال شهر رمضان الحالي بمسلسل عن جماعة "العدل والإحسان" في المغرب, من خلال قصة لشباب يسقطون بين براثن هذه الجماعة, وكيف تستغل جهلهم وفقرهم وكل المشاكل المحيطة بهم لكي تهيأهم لخدمة مشاريعها الخطيرة على البلد. لنتصور تلفزيوننا وهو يتناول أحداث 16 ماي 2003 مثلا, لنتصور تلفزيوننا وهو يتناول خلية بلعيرج التي تعد مشروع سيناريو لمسلسل أو فيلم يحمل كل التشويق الممكن أن يحلم به كاتب سيناريو محترم. لنتصور تلفزيوننا يعود بنا إلى شخصيات مثل عمر بن جلون وشبيبة مطيع تغتاله, أو إلى غيرها من صفحات تاريخ هذا البلد. لنتصور ولنتصور ولنتصور, ولنذهب إلى الأستوديو لكي نأخذ "التصاور ديالنا". ففي التلفزيون المغربي لامجال للتصور.
في تلفزيوننا يمكنك فقط أن تضحك من عاهة تيكوتا أو سبان جواج. شي حاجة أخرى ماكايناش, أو هذا على الأقل مايحاول إقناعنا به أهل التلفزيون الحاليون, حتى إشعار آخر "غادي يجي" بكل تأكيد.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
أحسنت القناة الثانية "دوزيم" في التعامل مع حدث رحيل الفنانة عائشة مناف، إذ خصصت للخبر في نشرة الخامسة مساء حيزا هاما وتقدمت بعزائها لعائلتها وجمهورها عبره، قبل أن تقوم بإيراد الخبر خلال تقديم مسلسل "حديدان" الذي شاركت في بطولته الراحلة مناف.
تعامل أعاد بعض الاعتبار للفنانة الراحلة وأكد أن دوزيم احتفظت لها بدين نسب المتابع والمشاهدة الكبرى التي حققها المسلسل مثلما احتفظت لها بدين إصراها على مواصلة التمثيل رغم الألم الأخير الذي أودى بحياتها