الخميس، 26 غشت 2010

في الواجهة - عمود الخميس 26 غشت 2010

أوباما المسلم
لكي يشوه معارضو الرئيس الأمريكي باراك أوباما سمعة رئيس دولتهم قالوا عنه إنه مسلم. لاأتصور أن هناك ما هو أقل دناءة من المستوى الذي أوصلنا إليه نحن المسلمون ديننا هذه الأيام. تصوروا معي أن يصبح دين عظيم مثل الإسلام سبة يدفعها باراك عنه بكل قوة, ويتشبث معارضوه بتثبيتها عليه لكي ينالوا منه مرة أخرى وأخيرة. ما السبب؟ كيف وصل الدين الإسلامي على يدنا نحن المسلمون إلى هذا الحد من الهوان؟
أصحاب نظرية المؤامرة بيننا وهم كثر والحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه, سيقولون إنه الاستهداف العادي لدين الإسلام من طرف هؤلاء الغربيين الملاعين. لكنه التفسير السهل, الساذج, البسيط, وأساسا هو التفسير الكاذب. شيء ما ليس على مايرام في علاقة المسلمين بالعالم بأسره اليوم, علينا كمنتمين لهذا الدين أن نعثر عليه إذا كان يهمنا أمر هذا الدين. علينا أن نقطع معه لئلا نصبح الأضحوكة العالمية الجديدة التي تتسلى بها بقية شعوب الأرض.
منذ أسابيع قليلة فقط ذكرنا من كان يحتاج إلى تذكير أننا "شجعان" حقا ولا نخشى الموت. فقد قتل بعض الإرهابيين منا في شمال مالي رجلا فرنسيا عجوزا تجاوز الثامنة والسبعين من العمر. فكر بعد تقاعده أن يهب ماتبقى من حياته لإفريقيا لكي يساهم في التخفيف من حدة مافعله حكام القارة بها. اختار قرية في النيجر, عاشر سكانها, منحوه الدفء الذي افتقده في بلده, فبادلهم حبا بحب. انخرط في جمعية هناك تتدبر أمر موارد مالية لهذه القرية, وعلم أطر تلك الجمعية كيفية استعمال الكومبيوتر, بل اشترى لهم واحدا من ماله الخاص وأحضره من فرنساو وشرع في تركيبه.
قبل أن يتم ميشيل جيرمانو تركيب هذا الكومبيوتر كان التنظيم الإرهابي المسمى القاعدة قد اختطفه واحنفظ به رهينة قبل أن يقوم بإعدامه بكل بساطة, وينشر خبر الإعدام عبر الفضائيات والأنترنيت, مبشرا أمة "الحمقى هاته" بنصر جديد "أضافه الله لانتصارات المسلمين عشية شهر الصيام وهو شهر الانتصارات بالنسبة للمسلمين. أي انتصار يوجد في قتل رجل عجوز أتى لكي يقوم بأعمال خيرية في نهاية حياته؟ أي دين هذا الذي يسمح بمثل هذه الفظاعات؟ وأي علاقة لهؤلاء المجرمين بالدين الإسلامي فعلا؟
تعلمنا في المغرب قبل أن يكون وجهة فضائيات الخوارج, وقبلة الكتب المتطرفة التي تزرع عقول وقلوب الشباب بكل ماهو قادر على تفجيرها أن رسول الإسلام (ص) بعث رحمة للعالمين. وشرح لنا أساتذتنا وفقهاؤنا في المساجد أيام كان المسجد بوابة تنوير لاغير أن العالمين تعني الكل, وتعني السماء والأرض ومابينهما. لم يقل لنا أحد أن هذا الدين أرسل لكي يصبح أداة إرهاب لأجناس على حساب أجناس أخرى, ولم يشرح لنا أحد أن الدين الذي ندين به والذي نعتبره ختم كل الديانات هو دين صالح لبث الرعب في قلوب الأخرين. فقط لاغير.
البعض فقد الأمل في إصلاح هذه الصورة. هي اليوم ثابتة علينا, منذ أن اتبهجت أغلبيتنا لمشهد عمارتين كبيرتين مليئتين بالأبرياء وهما تتهاويان بفعل ضىبة طائرتين طائشتين. منذ أن أصبحت المظاهرات تجوب الشوارع العربية متوعدة اليهود والنصارى ناسية أن من بيننا يهودا عربا ومن بيننا نصارى عربا. منذ أن تحول المسلم من الكائن الوديع الحامل لكتاب الله وسنة رسوله الراغب في نشر الحب بين الناس إلى المسلم المنتمي للقاعدة, لقاعدة الجهاد, لقاعدة المغرب الإسلامي, لقاعدة العراق, لكل القواعد الخارجة عن القاعدة السليمة التي ابتلينا بها في الزمن الأغبر والتي أصبحت تعني عند الآخرين الإسلام بكل اختصار.
نحن انزحنا من مكاننا. عندما أقول نحن, أقصد الأغلبية الصامتة على الحق, التي تلعب دور الشيطان الأخرس, وهي ترى دينا بأكمله يتم تهريبه لجماعة دون بقية المسلمين, فقط لأن تلك الجماعة امتلكت مايكفي من الوقاحة لكي تسطو على دين بأكمله. الأمر لايتعلق ببنك أو مصرف أو مال أو أرض قد نعتبر السطو عليها جريمة ومرت. الأمر يتعلق بديانة يدين بها أكثر من مليار شخص على وجه هذه الأرض. وكلهم أو أغلبيتهم سمحت لقلة قليلة بأن تحتكر هذا الدين, أن تصبح ناطقة رسمية باسمه رغم أن لاأحد كلفها بهذا الأمر.
واليوم وعندما نرى أوباما يدفع عنه "تهمة الإسلام" كما لو أن الأمر يتعلق بوباء, نستشعر فداحة ماوقع لديننا بأيدينا ونفهم أنه لم يتبق لنا إلا القليل من الوقت ومن الذكاء لكي نصنع شيئا نعيد به أنفسنا إلى العالم الحديث, لأن الوتيرة التي تسير بها الأمور اليوم تقول إن الآخرين سيصبرون علينا مزيدا من الوقت, وفي لحظة معينة سيقررون أن الأفضل هو أن يغلقوا عليهم أبوابهم, وأن ينتهوا تماما من خرافة إسمها إمكانية التعايش في يوم من الأيام معنا.
أخشى أن لانكون الآن بصدد الحديث عن خيال علمي لن يتحقق. أخشى أن نكون بصدد الحديث عن الغد القريب.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
عادت صورة المغربيات والدعارة لكي تحتل شاشات رمضان بعد الاعتذار الكويتي عما وقع في مسلسل "بوقتادة وبونبيل"، إذ أدرج مسلسل "العار" المصري لقطة ليلة الإثنين لعاهرة في ملهى ليلي بالقاهرة اقترب منها بطل المسلسل مصطفى شعبان وعندما تحدث معها أجابته بالمغربية "شنو كتقول؟ أنا راني مغربية".
هل نعتبر أن المصرين يستهدفون السمعة المغربية مثلما فعلنا مع الكويتيين أن نسأل أنفسنا عن السبب الحقيقي الذي يجعل هذه الصورة تلتصق ببعض المغربيات دون غيرهن من جنسيات أخرى؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق