الاثنين، 27 شتنبر 2010

جائزة الصحافة

صديقي جمال الخنوسي يعتقد أن جائزة الصحافة لهذه السنة يجب أن تذهب للمختلسين وكبار ناهبي رزق فقراء هذا الوطن. لأجل ذلك هو كاتب وزير الاتصال في جريدة "الصباح" لكي يخبره أنه متنازل عن الترشيح لهذه الجائزة وأنه يتمنى من الوزير أن يستجيب لرجائه الحار.
فكرة طيبة للغاية, إذ مامعنى جائزة الصحافة في ظل الوضعية التي نمارس فيها مهنتنا اليوم؟ لامعنى لها بكل اختصار. كل سنة يلتئم حولها الراغبون في الستين ألف درهم التي تمنحها للفائز بها لا أقل ولا أكثر. أما المجد المهني المفروض أن يرتبط بجائزة مثل هاته, أو المعنى النبيل الذي ستحمله لمن سيحصل عليها, ففي المسألة نظر كبير.
لكن ليعذرني صديقي صاحب هذا الاقتراح الطريف, لأن لدي اقتراحا آخر أصوغه باسم المهنة وأنا متأكد أنه سيروق للأغلبية إن لم يرق لللجميع: اليوم جميعنا نعرف إلى أين يمضي تفضيل "صحاب الحال" في ظروف الممارسة المهنية. الجميع يعلم أن لدى هؤلاء "المخنث" ديالهم, أو لكي نستعمل عبارة أخرى بعيدة عن التشويش الجنسي "المفشش" ديالهم, أو لكي نكون واضحين أكثر ونتجنب مواطن المتشابهات سنلجأ للغة الضاد وسنقول المدلل ديالهم.
ذلك الدي يجلس القرفصاء كل يوم, ويطلق على الرؤوس ما تعطر رائحته يوميا عشرات الآلاف من الأنوف, ثم يفخر بأنه قادر اعتمادا على رائحته فقط أن يزكم المزيد منها. هذا الزميل يحظى باحترام كبير عند أصدقائنا ويتصورون أنه النموذج الأمثل لممارسة المهنة في البلد حتى وإن كان الكل يجمع على أنه لايمارس المهنة. لذلك أقترح أن نأخذها من قصيرها وأن نقترح جماعة على الوزارة التي تشرف على هذه المبادرة الكريمة أن تمنح الجائزة كلها بجميع تفرعاتها لصديقنا إياه.
بالتأكيد سيقبلها, وبالتأكيد سيعتبر أنه يستحقها في كل الفئات, ففي المكتوب هو الوحيد الذي يعرف كيف يضرب القطيع في النقطة الحساسة التي تروقه. وفي السمعي هو الوحيد الذي سبق له وقدم دروسا كثيرة للإذاعات الخاصة الجديدة, وفي البصري هو يجتر وراءه تجربة لابأس بها يوم وجد التلفزيون دون بواب فدخل, وفي جائزة الوكالة هو خير من ينفذ المهام بالوكالة عن الأسياد الذين يأمرونه بذلك, وفي الصحافة الإلكترونية لاأتخيل _ من باب إحقاق الحق _ أن هناك صحافيا إلكترونيا أفضل منه في البلد بمعنى أنك تستطيع أن تبرمجه إلكترونيا مثلما تشاء شرط أن "تعطيه لحلقو"و وسينسى "اللي خلقو".
ستقولون مثلما يقول هو : الحسد. وأنا أقسم بالله العظيم أنني لاأعرف هذا الشعور لأنني مكتف بما لدي, وشعور الحسد هذا غالبا يكون لدى من لايملكون شيئا. كل ما في الأمر هو أنني أريد من الدولة أو من جزء من الدولة أن يذهب بعيدا في قرارة تفكيره, وأن يتوج كل ماارتكبه لحد الآن في هذا الميدان بدفع صديقنا لريادته بمنحه كل جوائز الصحافة الممكن تصور وجودها على سطح الأرض. سننهي بالتأكيد هذا النقاش الذي نراه اليوم يكبر في كل مكان, والذي يستهدف الرجل "مسكين" حتى من طرف من كانوا مقربين منه في وقت من الأوقات, وقاسموه حلاوة ومرارة كثير من الأشياء.
يتذكرون جيدا أننا حين حذرناهم من المسار الذي يسير فيه, وقلنا إنه يلعب بالنار في ميدان هش للغاية أنهم ابتسموا وقالو لنا "خليو عليكم السيد, راه ناجح بزاف". اليوم نقرأ لهم تباكيهم على مايفعله بهم, ونذكرهم _ على سبيل التذكير فقط لا الشماتة _ أننا لم ننتظر إذنهم لكي نقول للرديء إنه رديء في حينه وأوانه, لا لغل شخصي أو حقد أو ماشابه, ولكن لأننا رأينا حتف المهنة يأتي على يديه. وكنا كعادتنا الأحرص عليها, والأكثر انتصارا لمبادئها ضدا على المعارك الشخصية الصغيرة, وحاولنا أن نشرح وأن نفسر وأن نبين للمبتسمين حينها سبب إقدامنا على قولها واضحة, صريحة, جارحة "لداك خينا", لكنهم صموا الآذان لأن المصالح آنذاك كانت متقاربة جدا.
اايوم هم يعاينون الخسائر التي تقع, والبذاءات التي تنتشر ويشعرون أن الوقت قد حان لكي يعلنوا غضبهم من هذه الرداءة المستشرية التي تعتقد أنها "طفراتها" فقط لأنها أوجدت لمدها مكانه بين الناس, لكن خشيتنا كبيرة من أن تكون الفأس قد وقعت في الرأس, "واللي عطا الله عطاه".
لدى المغربي العادي اليوم تصوره للمهنة مثلما شرحها له "صاحبنا", ومن الصعب إن لم يكن من المستحيل أن تطرق أبواب عقول الناس اليوم واحدا واحدا لكي تقول لهم "عنداكو تتيقو عاوتاني", بكل بساطة لأن من سلم عقله للشعوذة يصعب عليه أن يصدق أن لبعض المنطق مكانا فوق أرض هذه الصحافة الخلاء.
عذرا على التشاؤم, لكنني أعرف أن الكثير من مواقف اليوم هي مجرد ردود أفعال بعد انفصال الطرق عن بعضها, ولا علاقة لها بغيرة فعلية على الميدان. لذلك لاأتفاءل كثيرا بالإجماع الذي أراه. العكس هو الحاصل, وأملي هو أن يستجيب "السي خالد" لهذا الرجاء. فذلك أفضل مايمكن أن يقع لهذا الميدان بعد أن وصل إلى هذا الحد من الانحطاط
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
أي لعبة يلعبها الرئيس الإيراني اليوم؟ ومامعنى تشكيكه فيما وقع في الحادي عشر من شتنبر 2001 ومطالبته بتشكيل لجنة مستقلة لكي تشرف على تحقيق فعلي يكشف عما حد بالتحديد؟ المعنى واضح هو أن نجاد يريد خلق نقاش هامشي يلفت به الأنظار عن تشنج علاقة بلده بدول الجوار, وعن محاولاتها الحثيثة لإيجاد طريقة للوصول إلى تفاهم ما مع الدول الغربية وعلى رأسها من تصفه أدبيات ملالي إيران بأنه "الشيطان الأكبر" أمريكا؟
للأسف, كان ممكنا لإيران أن تلعب دورا آخر في المنطقة غير دور التدمير الذاتي الذي تلعبه الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق