الجمعة، 3 شتنبر 2010

في الواجهة - عمود الجمعة 3 شتنبر 2010

تلفزيون آخر
بعد مفاوضات عسيرة للغاية وصفتها المصادر التي حضرت بعضا من تفاصيلها بشبه المستحيلة, تم التوصل إلى منح الضوء الأخضر لقناة "ميدي أن سات" لكي تتحول إلى قناة عامة, وهو ماسيمكن القناة الإخبارية التي انذلقت ذات حلم مغربي فرنسي مشترك من "التحرر" من العبء الإخباري الذي ظل جاثما عليها, وحرمها من تحقيق نسب مشاهدة محترمة في البلد تشفع لها في البقاء ضمن الخارطة التلفزيونية المحلية.
الاستجابة للطلب الذي قدمه عباس عزوزي الرئيس المدير العام لميدي آن سات, هي استجابة تأتي لكي تسجل حدثا تلفزيا مهما للغاية في المغرب, إذ هي بشكل عملي تسجل أول خطوة في نهاية الاحتكار بشكله التقليدي للتلفزيون من طرف الجهة المالكة له في المغرب. لاداعي للتسرع, نحن نعرف جيدا من هي "ميدي أن سات" وما هي شروط "التفويت" الذي تم لها منذ لحظة الانطلاق وحتى اللحظة الحالية, ونعرف أيضا حدود المسموح به في التلفزيون المحلي وهي حدود ضيقة للغاية كي لانقول إنها حدود مستحيلة التجاوز. كل هذا مفروغ منه, لكن ماسيقع في ميدي أن سات ابتداء من هذا الأسبوع أمر يتطلب بعض الانتباه.
لماذا ؟ لعدة أسباب, لعل الأكثر أساسية فيها هو أن هذا التحول لم يكن ليتم لولا الاقتناع الكامل لإدارة القطب العمومي بضرورته. سبب تأخر التوصل إلى هذه الصيغة التي ستسمح لميدي أن سات بالتحول إلى قناة عامة أرضية هو التخوف الذي كان سائدا لدى القطب العمومي وإدارته وبالتحديد لدى فيصل العرايشي من انتهاء مهمة هذا القطب.
مصادرنا قالت إن فيصل العرايشي تلقى كل التطمينات بأنه لامراجعة حاليا للأدوار التي يقوم بها القطب العمومي رغم كل الانتقادات الموجهة إليه, وأن تغيير وضعية ميدي أن سات يسير في نفس سياق العمل الذي يقوم به قطب العرايشي, وأنها ستشكل بصيغة أو بأخرى "دوزيما" من نوع ثان ستقدم الإضافة التي لن يستطيعها القطب وقنواته لأسباب تتراوح بين الذاتي والموضوعي مما يتم التفصيل فيه باستمرار في المقالات والمتابعات النقدية لعمل تلفزيون الرسمي يوميا في الصحافة المغربية.
الصيغة التوليفية التي تم التوصل إليها في ميدي أن سات تقضي بالمحافظة على الطابع الإخباري للقناة من خلال عدد النشرات الكبير والمستمر الموجود بها, مع دخول الغناء والترفيه والبرامج الموسومة ببرامج القرب إلى شبكتها وتنويع الوعاء البرامجي للقناة ككل والهدف هو "التموقع داخل السوق الإشهارية المغربية", دون مضايقة القناتين المتحكمتين حاليا في سوق الإشهار التلفزي المحلي. رب قائل يقول إننا "درنا دورة كبيرة ورجعنا " لما تم الحديث عنه إبان رفض الهاكا منح تراخيص لتلفزيونات جديدة حين قيل إن السوق الإشهارية لاتتحمل دخول فاعلين جدد للميدان.
قيل حينها إن التبرير الذي أعطته الهاكا هو مجرد ذريعة لتعبيد الطريق أمام تسوية وضعية ميدي أن سات, وهو مايتم بالحرف اليومو لكن معارضي هذا التفسير يقولون إن السوق الإشهارية اليوم تخضع لقانون العرض والطلب اعتمادا على معطى جديد دخل ساحتها هو معطة أرقام نسب المشاهدة والمتابعة مايعني أن الفاعل الإشهاري سيختار وفقا للأرقام التي تصله القناة التي سيعتبرها الأقدر على إيصال منتوجه التجاري إلى أكبر عدد من الجمهور. كلام منطقي ومعقول لو كنا في بلد يمنح الإشهار فعلا وفق قانون العرض والطلب هذا وليس وفق قانون القرب بمعناه الآخر الذي يعني التبعية لا المعنى الجيد الذي يعني الاقتراب.
أسبوعنا الحالي شهد بدء المفاوضات من أجل تغيير دفتر التحملات الذي وقعت عليه القناة منذ حوالي التسعة أشهرو وهو التعديل الذي يفرض نفسه من أجل البدء في الاشتغال وفق الصيغة التوليفية الجديدة, لكن ما يهم المشاهد المغربي أكثر من العبارات التقنية التي قد لايفهمها أو قد لاتعني له شيئا مهما هو أن يتوفر له تلفزيون أخر قادر على الاستجابة لبعض من متطلباته الفرجوية الكثيرة في الميادين كلها التي قد يتطرق إليها التلفزيون. والاعتقاد يسود اليوم لدى المتتبعين للفعل التلفزيوني المحلي أن قناة مثل "ميدي أن سات" قادرة فعلا على أن تلعب دورا أكبر من الذي لعبته إلى حد الآن.
هذه قناة توجد على مرمى حجر من الحضارة, أي من أوربا وتوفرت لها منذ إنشائها ما لم يتوفر للقنوات الأخرى من الظروف المساعدة على التألق, لكن كثيرا من تخبط البدايات الذي يبدو في نهاية المطاف أمرا مقبولا ساهم في عرقلة المسيرة. واليوم وهي تحظى بفرصة تجديد أخرى لنفسها أتصور أنه لايحق لعزوزي ومن معه أن يضيعوا الفرصة ثانية.
المغاربة في حاجة إلى تلفزيون آخر. وفي ظل المعطيات المتوفرة اليوم, لايمكن إلا لميدي آن سات ودوزيم بشكل أو بآخر (علما أن هذا الموضوع لوحده يلزمه كثير الكلام) أن تلعبا هذا الدور لئلا يفقد المشاهد المغربي كلية الأمل في تلفزيونه المحلي. إذا لم يكن قد فقد هذا الأمل أصلا, و"حنا مافخبارناش".
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
عجيب أمر القذافي. رغم كل ماقد يقال عنه إلا أنه قادر فعلا على إثارة الحماس والإعجاب ببعض خطواته الطريفة. آخرها اقتناعه بأهمية المرأة الجميلة في تحسين الفعل السياسي، وإصراره على أن يلقي خطبته في إيطاليا أمام جمهور مكون فقط من الحسناوات اللائي تقاضين مايناهز المائة يورو لكي يملأن الفضاء البصري أمام فخامة العقيد وهو يخطب في الطاليان.
السؤال الأهم "دابا" وهو موجه للسفارة الليبية الشقيقة في الرباط: هل استمعت الحسناوات للقذافي وانصرفن أم أنه احتفظ بهن من أجل خطاب هامشي إضافي؟ أجيبونا يرحمكم الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق