السبت، 18 شتنبر 2010

غيريتس معانا

علي, إيريك والآخرون
الكثيرون يقولون إن المغاربة لم يستطيعوا في الآونة الأخيرة تقديم مسلسل واحد جدير بالمشاهدة. أعتقد أن العكس هو الحاصل. المغاربة أبدعوا مسلسلات متميزة للغاية لكن على المستوى الواقعي, وليس التخييلي, وأبرز هذه المسلسلات المسلسل الذي وصل على مايبدو لنهايته اليوم بمجيء إيريك غيريتس أخيرا للمغرب بعد انتهاء عمله مع "الهلال السعودي".
خسارة, نكاد نقول, مثلما يحدث حين نصل في رمضان إلى الحلقة الأخيرة من مسلسل شيق نتابعه يوميا ونكتشف قبل بداية تلك الحلقة تلك الإشارة الشهيرة إلى الحلقة الثلاثين أو الأخيرة, فنشرع فورا في تذكر الحلقات السابقة, وتذكر أبطالها والأحداث التي جمعتنا بهم وجمعتهم بنا. ذلك أننا تعودنا في الآونة الأخيرة على هذا الوضع النشاز الذي استنكرناه في البدء, ثم وجدنا أنفسنا وقد استأنسنا به تماما, وبدأنا نشعر أنه الوضع الطبيعي جدا: أن يقصى منتخبنا من كل شيء, أن يعيش هذا المنتخب عطالة كروية وصلت إلى الأشهر التسعة (مرا حاملة هادي ماشي منتخب), أن تهزمنا فرق خرجت للتو من حروب أهلية أو من مجاعات, أو تأسست اتحاداتها الكروية في 2009 فقط, وأن يصبح ترتيبنا عالميا الخمسة والتسعين, بل وأن نحقق إنجاز التعادل في قلب العاصمة الرباط مع المنتخب الذي يحتل الرتبة ماقبل الأخيرة عالميا, وفوق كل هذا وذاك أن توقع جامعتنا عقدا مع مدرب مرتبط بعقد مع ناد آخر, وأن نجلس في دكة الاحتياط منتظرين هلول سعادته على بلدنا وهو ماتم في نهاية المطاف.
علي, صاحب الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم الذي نجح في شيء واحد هو أن يجعل الرياضيين يترحمون على أيام الجنرال حسني بنسليمان, ويقولون عنها إنها كانت "يامات العز", قال إنه فرح بوصول المدرب, الذي سيحول إحباطاتنا إلى أفراح (روبن هود هادا ماشي مدرب ديال الكرة) ولاحظوا معنا بعد الرجل عن القاموس الكروي في حديثه, وهو شيء معيب جدا بالنسبة لمن يرأس اتحادا كرويا. علي قال أيضا إن الجامعة تعاقدت مع غيريتس لمدة أربع سنوات وفق أهداف واضحة أبرزها الوصول إلى كأس العالم 2014 (عقلو على هاد الهضرة الله يخلينا ويخليكم على خير) وأن الجامعة اتصلت بعدد من اللاعبين الذين يمارسون في دوريات محترفة وأقنعتهم باللعب للمنتخب وعدد أسماءهم وقال إنهم سيشكلون المنتخب الذي سيذهب إلى البرازيل لكأس العالم القادمة.
جملة "أقنعناهم باللعب للمنتخب الوطني" وحدها عبارة تقول كل شيء عن واقعنا الكروي. نحن كنا نعرف في السابق أن اللعب لليكيب ناسيونال هو شرف لايدركه المرء إلا بعد أن يثبت أنه جدير به, وبعد أن يبلل قميصه مثلما يقول "الكوايرية" بالعرق وليس بشيء آخر مثلما يفعل لاعبو هذا الزمان, وبعدها يجلس اللاعب متمنيا وحالما بأن يتكرم مدرب المنتخب ويستدعيه للنخبة الوطنية. مع علي والرباعة, هذه البديهيات الكروية لم تعد مطروحة نهائيا. عوضها أصبحنا نسمع عن لاعبين مبتدئين في فرق متوسطة جدا في أوربا, يتم التفاوض معهم لماذا؟ لإقناعهم باللعب للمنتخب الوطني.
"لهلا يجعل باباه فين يقتنع. غادي نجيبو مارادونا ولا ميسي؟". والمصيبة هي أننا وبعد أن نقنع هؤلاء باللعب للمنتخب نجد أنفسنا مضطرين بعد ملاحظة مستواهم الكروي لإقناعهم بمغادرة المنتخب بل والاعتزال المبكر والبحث عن "شي حرفة أخرى" يتقنونها أكثر من الكرة المسكينة. معنى أن تقنع لاعبا بأن يلعب معك هو أن ذلك اللاعب سيصنع المعجزات فور لعبه معنا, ولن يكتفي بإيصالنا إلى كأس العالم, بل سيساعدنا على الفوز بها. حينها لو قلنا إننا أقنعناه باللعب للمنتخب الوطني, سيكون لكلامنا بعض التبرير, أما أن تقنع لاعبا لايعرف أبجديات الكرة الأولية باللعب معنا, وتسرد علينا لائحة بأسماء من استقر عليهم السماسرة الدائرين في فلك الجامعة باعتبارهم لاعبين سيصنعون لنا العجب, ففي الأمر ضحك مستمر من المغاربة الذين ملوا مقالب علي والرباعة التي تسير الجامعة.
الواضح اليوم هو أننا _ وبكل هدوء الكون _ ملزمون بالعودة إلى القاعدة الكروية, بتشجيع الأندية على أن تصبح أندية حقيقية, بالبحث عن مدربين صالحين لحمل وصف مدربين يتكلفون بهذه الأندية ويصنعون منها الخزان الذي يمد المنتخب باللاعبين الصالحين له, بوضع نظام احترافي يلعب فيه التلفزيون أولا وقبل كل شيء دور القاطرة المالية والإشهارية للفرق وفق قواعد رياضية واضحة, لا وفق قواعد مافيوزية لاعلاقة لها بالكرة, وبعدها سنجد أن كل ناد مغربي قادر على أن يعطينا لاعبين أو ثلاثة للمنتخب, "وديك الساعة ويلا بان شي طيارة على برة" لابأس من منحه شرف الاستدعاء للمنتخب وليس مثلما يقول علي وصحافتنا _ الله يعطيها ماتاكل _ نقنعه باللعب لنا.
الحل بكل بساطة هو العودة إلى الكرة لحل مشكل الكرة. لكن هل يمكن أن نحل مشكل الكرة بأناس لايفهمون في الكرة؟ "هاكو السؤال", أنا كالعادة, لا أمتلك أي جواب...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق