الجمعة، 1 أكتوبر 2010

اسمحوا لنا أن نشكك

أن تقارن وطنك بإسرائيل, أن تقول فقط لكي ترد عنك تهمة الإرهاب إن المغرب سيحول 16 ماي 2003 إلى هولوكوست جديد, أن تجعل بلدا يبلغ من العمر مئات القرون شبيها ببلد تأسس في 1948 على أنقاض شعب وبلد آخر. أن لاتحس بالزلة في كلامك إلا بعد أن ترتكبها. أن تعرف أنك "قفرتيها" وقلت كلاما لايقوله العقلاء, وأنك في غمرة الدفاع عن قبيلتك السياسية محوت بلدا بأكمله من الوجود.
أن لاتجد غضاضة في أن تقول للمغاربة إن بلدهم هو مثل بلد المجرمة إسرائيل, أن تعيد إلينا عقارب الساعة بشكلها المقلوب عقارب حقيقية هذه المرة وثعابين سامة تنفث في وجوهنا جميعا السم الذي لم نكن نتخيل وجوده بيننا فعثرنا عليه. المغرب مثل إسرائيل, وهو يريد أن يجعل من 16 ماي 2003 هولوطوست جديدة يرعب بها من يرغبون في الحديث عنهذاا الموضوع. هكذا تحدث الرميد, وليس نيتشه, لأن نيتشه صمت منذ زمن طويل. الحكمة اليوم ومحبتها أصبحت تأتي على لسان المتسربلين بعباءات طالبان في عقولهم, لذلك يحق علينا أن نقول لهم بعض الكلمات التي لن يسمعوها في مكان آخر غير هذا المكان, فالكل هان, والكل يختفي اليوم وراء الشعارات الكاذبة وحقوق الإنسان لكي يقنعنا أن سيلان الدم المغربي لم يعد حراما ولم يعد أمرا تقشعر له الأبدان.
لنذكر الرميد ببعض الأشياء, وله بعد ذلك أن يقول عن المغرب إنه إسرائيل جديدة, وعن 16 ماي إنها هولوكوست جديدة. له أن ينخرط في المسار الذي بدأه بنكيران بدقة وتخطيط حين استل في الجلسة الأخيرة إياها الوريقات من جيب السترة وقال كلمته التي سيكون لها مايليها بكل تأكيد "حنا شاكين فداك الشي ديال 16 ماي" . طيب ياسيدي الشك جيد. بل هو معنى الوجود كله مثلما قالوا لنا في زمن سابق. لكن لنشك في كل الأشياء اعتمادا على هذا المبدأ إذن.
اسمحوا لنا أن نشك في انتمائكم للمغرب ككل, ماتقولونه وماتفعلونه يقول لنا باستمرار أنكم منتمون لتنظيم ولستم منتمين معنا للوطن ذاته, وأن التنظيم عندكم يفوق في حجمه وفي قدره الوطن.
اسمحوا لنا أن نشك في أن كثيرا من دماء الناس التي رحلت في ذلك اليوم الحزين من سنة 2003 هي في رقابكم إلى يوم الدين. كتبتم وقلتم لهم الكثير, وحين اقتنع أولئك الأغرار مروا إلى مرحلة التطبيق وهم يعتقدون اعتمادا على ماكذبتم به عليهم أنهم سيدهبون مباشرة إلى الجنة فقط لو قتلوا منا أكبر العدد الممكن.
اسمحوا لنا أن نشك في مغربيتكم. أنتم إخوانيون, إسلاميون, إسلامويون, ولاد الحركة الإسلامية مثلما تقولون عن أنفسكم, كل وصف يشبه هذه الأوصاف, لكنكم بالتأكيد تعطوننا الإحساس أنكم "ماشي مغاربة", أو أنكم مغاربة فقط بالقدر الذي يسمح لكم بإكمال مخططكم لهذا البلد.
اسمحوا لنا أن نشكك في إيمانكم بالشكل المجتمعي الذي نعيش فيه. أنتم تعتبرون أننا غير قادرين على الاستجابة لكل تطلعاتكم في مغرب بشكل آخر, يشبه المشرق المريض في نخلفه, يكون حراما على القن, وحراما على السياسة إلا ماتخونج منها, وحراما على الحياة, وحراما على الحب, وحراما على كل علامات العيش. ونحن نريد مغربا آخر لاعلاقة له بمقاساتكم الغريبة التي لم نسمع عنها إلا بعد أن "قطر بكم السقف".
اسمحوا لنا أن نشكك في جدية كلامكم حين تقولون لنا إنكم تؤمنون معنا بما نؤمن به, وأن إمارة المؤمنين هي تاج على رؤوسنا جميعا, وأن الديمقراطية هي الحل لنا جميعا, وأن التعددية هي الخيار الذي لن نعود عنه جميعا, وأن الانفتاح هو القدر الذي ينتظرنا جميعا.
اسمحوا لنا أن نشكك في صلاحية وجودكم بيننا. لانرى داعيا لذلك. أنا ولدت مسلما, علمني أبي تجويد القرآن وأنا دون الخامسة, وحفظت منه ماحفظت دون أن أدرك أن الحركة الإسلامية أو المسماة هكذا تريد مني ذلك. عرفت ديني مثلما عرفه المغاربة كلهم عبر المساجد لاعبركم, وتفقنا فيه النزر اليسير أو الكثير عبر العلماء الحقيقيين لاعبركم, وحين كبرنا اكتشفنا أن هناك من يستعمل الدين الذي نقدسه نحن فعلا إلى مطية لكي يصل بها إلى البرلمان أو لكي يبكي بها في سيدي بنور من أجل قافلة طبية لأخيه.
اسمحوا لنا أن نشكك اليوم في كثير من الأشياء. أنتم فتحتم باب جهنم كل هذا التشكيك, والأمر يحق لكم. لكن بالمقابل لاحق لكم في حرماننا من التشكيك نحن أيضا في كل مانراه منكم من علامات على ضيقكم بالعيش معنا على نفس البراح.
اليوم تشككون في دماء أهلنا التي سالت, وتقولون عن بلدكم إنه إسرائيل جديدة. وغدا ماذا؟
غدا ماذا أيها المسلمون زيادة عن المسلمين العاديين؟ فعلا, غدا ماذا؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق