الأحد، 17 أكتوبر 2010

الجزيرة "المغربية" 2/2

تركناها أمس عند سؤال أساسي في قضة الجزيرة وعلاقتها بالمغرب يتعلق بمناطق الظل الكثيرة والفراغات التي طبعت "صفقة" تسليم مكتب للقناة القطرية لكي تضع فيه أوزارها. تلك الفترة الفاصلة بين ٢٠٠٤ و٢٠٠٦ عرفت الكثير مما يجب أن نعود إليه اليوم بتأن كامل لكي نفهم إن كانت الخطوة فعلا حسنة وإيجابية تحسب لبلدنا وللانفتاح المعروف عنه عربيا، أم أنها كانت مغامرة غير محسوبة العواقب وغير مأمون الجوانب، اتضح في ختامها أن المغرب خسر فيها أكثر مما ربح بشكل أكيد.
حضر اقتناع في تلك السنوات أن على المغرب أن يؤكد الخير الذي يقال عنه بخصوص انفتاح العهد الجديد على الإعلام وعلى الصحافة، ووجد الرأي من يدعمه داخ لالسلطة بضرورة البحث عن منفذ عربي للمغرب يطلع عبره الأشقاء على "الثورة الهادئة" الت ييعرفها البلد ويكون بمثابة كوة الضوء التي تسلط على الإنجازات السائرة بيقين لدينا، لكن يكون أيضا عيننا على المشرق وعين المشرق علينا. باختصار تصور رفيع بنية سليمة للغاية من الجانب المغربي وبنية يصعب تحديدها من الجانب القطري الذي أعطى الموافقة والضوء الأخضر "للنزول عند طلب الأشقاء المغاربة دون تردد".
طريق جهنم المحفوف بالنوايا الحسنة سيفتح مجالات عبوره للمغرب، ومباشرة بعد مرور الفترة لأولى لشهر العسل القصير جدا اكتشف المسؤولون الإعلاميون المغاربة الذين تكلفوا بأمر هذه القناة ومكتبها أنهم نسوا في غمرة حماسهم المشروع أن يقفوا قليلا عند التفاصيل.
اكتشفوا أنهم لم يتفقوا مع القطريين وقناتهم حول شكل النشرة المغاربية التي ستبث من بلدنا ، وهل ستكون عبارة عن نشرة تشتغل وفق القانون المغربي أم أنها ستكو نشرة تابعة للقانون القطري الذي يحكم صالة التحرير الرئيسية في الدوحة. الأمر لاعلاقة له بالرقابة أو مايشبهها، ولنه متعلق أساسا بالخط التحريري للقناة. اتضح بعدها أن النشرة كانت مجرد خطوة أولى حولها المسؤولون القطريون ومسؤولو القناة إلى مكتب مغاربي للقناة وهو ماكان يعني منذ البدء الإخلال بالاتفاق الرئيسي الذي جمع الطرفين، وهو الاتفاق الذي كان يقول بالسماح لقناة الجيرة القطرية ببث نشرة مغاربية لها بأمر من وزير الاتصال آنذاك نبيل بنعبد الله واتفاق مع الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات المعروفة ب"الأ إن إر تي" . أكثصر من هذا الجزيرة لم تدخل إلى بلدنا بوثيقة مكتوبة لكي نعرف حجم الهواية في تصرفات مسؤولينا. الأمر كله كان عبارة عن اتفاق شفه بموجبه وضعت القناة القطرية رجلها في المغرب وبعدها كان ماكان .
عندما نتابع اليوم طريقة إنجاز دفاتر التحملات الخاص بمتعهدي السعي البصري في المغرب، عندما نسمع عن الملايير التي يضعونها من أجل إعداد ملفات متكاملة تحظى بقبول الهاكا، عندما نعرف السراط المستقيم وغير المستقيم الذي يمرون منه لكي ينتهوا بإذاعة خاصة صغيدة تخاطب مائة ألف شخص على الأكثر في اليوم، ونقارن هذه المساطر العقدة بالمسطرة السهل والبسيطة جدا التي سلكتها الجزيرة التي تخاطب ثمانين مليون مشاهد يوميا ، وهي المسطرة التي انتهت باتفاق شفهي يسمح لها باالعمل فوق أرضنا،، ويتغافل عن تحويلها لنشرتها المغاربية إلى مكتب قائم لوحده في العاصمة، نتساءل فعلا : شكون فينا الغالط بلادنا ولا الجزيرة؟
القناة القطرية وجدت أمامها مجالا مشرع على كل الاحتمالات، فاشتغلت فيه بكل بساطة ودون أدنى اعتبار للقوانين الجاري بها العمل فوق هذه الأرض، لأنها اعتبرتها أرضا خلاء أو "نو مانز لاند".
لذلك وحين كان المغرب يشغل نفسه بإعداد ترسانة قانونية معقدة في السياسة، تقف بالنقطة والفاصلة عند تفاصيل الاشتغال الخاصة بالتلفزيون، وتعطي ٣٠ بالمائة للحكومة ومثلها للأغلبية ومثلها للمعارضة والعشر المتبقية للأحزاب غير الممثلة في البرلمان وهذا خارج فترة الاقتراع. وحين كان يشغل باله بوضع الضوابط الدقيقة لمرور الأحزاب السياسية خلال الانتخابات بحساب الدقائق والثواني، كانت الجزيرة تفتح أبوابها بالدقائق الطوال لأحزاب هي تعتبر أنها أقرب إلى خطها التحريري من الآخرين، وحينها كان السؤال يطرح لدى من أعطوا الموافقة على دخول القناة إلى المغرب "ناري، شنو درنا عاوتاني؟"
للأسف الشديد مثل هذا السؤال يعد أمرا غير مقبول من طرف السياسي الناجح، لأن هذا الأخير يعرف قبل الإقدام على خطوة ما تبعاتها ونتائجها، ولاينتظر بداية هذه النتائج والتبعات لكي يتنصل من خطوته. لذلك أيضا وحين اضطر المغرب لتحجيم عمل "الجزيرة" فوق أرضه لكي يجبرها على الأقل على احترام القانون الساري به العمل هنا، تماما مثلما تججبر قطر القنوات المشتغلة فوق أرضها على احترام قانون الديرة (وإن كانت قطر مْهْنية من هاد الناحية)، سمعنا كثرا من الضجيج لإن "الجزيريين ومن والاههم" صدقوافعلا أن المغرب هو بلد بدون قانون وتلك هي الطامة الكبرى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق