الأربعاء، 2 مارس 2011

أفضال 20 فبراير

اكتشفنا فجأة أن للاتحاد شعبا ينتظر موقفا منه. يعتقد قطعا أن الحزب ليس ككل الأحزاب وأنه قادر اليوم على أن يتخذ شكلا أشكال السياسة يجعله مغايرا للآخرين ممن أدمنوا الفعل السياسي المحلي وجعلوه وسيلة لللنيل من البلادوالعباد. أنا الذي كنت أتوقع أن الناس فقدت الأمل في السياسة والسياسيين اكتشفت أنه لازال بعض من أمل في بعض من سياسيينا وأن القوم منا ينتظرون علامة تدل على أنه لازالت للسياسة بعض من نظافة وبعض من موقف حقيقية مجسدة في بعض من أحزاب
أعترف أن الاكتشاف راقني أنا الذي نظرت لموت السياسية والسياسيين واعتبرت أن الأحزاب لم تعد ذات جدوى بيننا, وأعترف الآن أن ماوقع حرك في بعضا من رغبة في العودة إلى السياسة وإلى معترك الخوض فها, ومع القرار الذي اتخذه الاتحاديون أخيرا, بترك المجال مفتوحا أمام الخروج من الحكومة أو البقاء فيها مما لم أفهمه, فإن ما لمسته من ردود الفعل لدى الناس القريبين أو البعيدين من السياسة ومعتركها أعاد لي بعضا من إيمان في كل مايجري الآن.
من قالوا إن 20 فبراير لم تكن ذات جدوى عليهم أن يتأملوا فيما فعلته في الأحزاب السياسية لدينا, ومن ادعوا أن الحركة كلها كانتا حركة صغار غير واعين لا انتماء سياسي لديهم, ولا وعي يؤهلهم لكي يقودوا المجتمع المغربي عليهم فعلا أن يسائلوا الحزب الذي كان الأول في البلد قبل أن تفعل اليد إياها كل الأفاعيل لكي تجعله مجرد تابع من التابعين, عن المآل الأخير لكل ما وقع بعد التاريخ إياه.
حقيقة لم يكن رد فعل الحزب عند انتظار من توسموا فيه خيرا, وحقيقة لم يستطع الاتحاديون فهم موقف الشعب المغربي الذي كان يتوقع منهم شيئا أكبر من موقف غير واضح الأبعاد, ملتبس الأهداف, غامض الرسائل. لكن الأهم بالنسبة للعديدين كان هو الاقتناع بأن شيئا ما عاد للتحرك في المستنقع السياسي المغربي الآسن. شيئ ما يقال له الآمل ماكان أحوجنا إليه نحن الذين لم نعد ننتظر من هذه الأحزاب إلا المظيد من الخيبات, والكثير من الإخفاقات وغير قليل من محبطات الأمل.
اليوم على من يحترفون السياسة في البلد أن يفهموا أن هناك أناسا _ هم شعبنا في نهاية المطاف _ لازالوا على الوهم الأول الذي حرطهم قادرين على الاقتناع بأن الأحزاب كلها ليست سواء رغم أن العقلية إياها اشتغلت على إقناعنا بالأمر ذاته لسنوات وعقود. واليوم على من يجعلون من السياسة مهنتهم الأساسية أن يقتنعوا بأن الناس تنتظر منهم شيئا أكبر من التوافقات الزائفة ومن الالتباسات التي يسمونها توافقاتهم, والتي يهيؤون لها أماكنها وكل الطروف المحيطة بها في الأماكن التي لانعرفها نحن.
ماأحوجنا فعلا إلى وضوح في الفعل السياسي كله, ما أحزجنا إلى أناس من محترفي هذه السياسة قادرين على الخروج على ناسنا بقرارت مفهومة, معللة باختيارات واضحة, قابلة للشرح لأهلنا, وغير مضطرة للانتظار سنوات طويلة قبل أن تبدو لنا أهميتها وقيمتها. ذلك أن الذين نراهم في البلدان الأخرى لا يفعلون مثلما يفعل سياسيونا. هم يتخذون مواقف مبنية على القاعدة التي أوصلتهم إلى الحكم أو حكمت عليهم بالبقاء في المعارضة. أما لدينا فنحن لانعرف إن كنا السبب في بقاء من نعتقدها أحزابنا في موقع الحاكمين أو في مقوع المعارضين.
البعض يسمي مانحييه الانتقال الديمقراطي, لكن شعبنا يفضل تسميته الالتباس الديمقراطي ذاك الذي لايسمح لما بالتمييز بين من ينتمون فعلا لنا من السياسيين وبين من ينتمون لأنفسهم وتحركهم مصالحهم فقط, ويريدون من خلال احتراف كل هذه المسارات أن يحققوا الأهداف التي يسعون إليها لا تلك التي يحلم شعبنا بالوصول إليها يوما. لذلك علينا فعلا أن نشكر اللحظة الراهنة تلك التي سمحت لنا بأن نرى الكثيرين على حقيقتهم العارية: من تنكروا لحزب الدولة الأغلبي بعد أن كانوا من السباقين لطلب وده, من اعتنقوا مطالب الشباب رغم أن تنظيماتهم هي الأبعد نظريا وعلميا عن الشباب وروحه, من عادوا إلى الحياة السياسية بعد أن فارقوها من تنظيمات التطرف التي لا موطئ للقدم لديها بين الناس, من عادوا للاقتناع أن الشارع هو الكان الأفضل لطرح المطالب كلها وانتظار الرد عليها, من عجزا عن إقناع المخزن بالحاجة إليهم ووجدوا في 20 فبراير الوسيلة المثلى للتحسيس ببعض ضرورتهم, من كانوا قاب قوسين أو أدنى من إقفال حوانيتهم ودكاكينهم السياسية لكنهم عثروا الآن على شكل من أشكال العودة إلى الحياة, من قاوموا لفترات معينة ثم اقتنعوا أنهم ماتوا وأن الأفضل بالنسبة إليهم هو انتظار زمن قد يأتي وقد لايأتي, وهاهو قد أتى, لكي يمنجهم صغار الفيسبوك كل أسباب البقاء.
كل هؤلاء وغيرهم كثير يدينون لحركة 20 فبراير بغير قليل من الفضل لكنهم لن يستطيعوا يوما الاعتراف أن هؤلاء الصغار كانوا وحدهم القادرين على صنع كل هذه الأفاعيل بهم وبسياستهم التي اعتقدناها قد ماتت. أفلا يستحق الوافدون الجدد _ على وزن الوافد الجديد كذبا _ كل التحية, وكل الاحترام؟
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
الفرق واضح بين التظاهرات السلمية التي تتم في ظروف جيدة وترفع شعارات واضحة، وبين التظاهرا ت التخريبية التي تتخذ لها هدفا واحدا هو إشعال نار الحرائق في الوطن عبر مختلف مدنه. وبالقدر الذي نطالب فيه بالاحترام الكامل للمظاهرات السلمية للشباب والتعامل بنضج مع مطالبهم بالقدر الذي نطالب فيه بالحزم مع المخربين والضرب على أيديهم بقوة لأن أمن الوطن لا يقبل التلاعب به نهائيا.
المواطن الذي يحتج سلميا وبشكل حضاري هو أول المطالبين بهذا الأمر لأن المخرب لا يترك له حتى المجال للتظاهر السلمي ويحرمه من حقه الأساسي في إيصال مطالبه بشكل مقبول ومنتم لعصر الناس هذا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق