الأحد، 6 مارس 2011

20 مارس

تحولت 20 فبراير إلى 20 مارس, وضرب الشباب موعدا مع الديمقراطية والحرية لكي يروا إن كانت الرسالة قد وصلت بالفعل يوم تم تقديمها بشكل حضاري للغاية في العشرين من الشهر الفائت, رغم كل المحاولات الإرادية واللاإرادية التي تمت من أجل إفساد اليوم التاريخي بالمغرب. كل المؤشرات تقول إن الاستثناء المغربي سيظل حاضرا: القصر أعطى علامات دالة وقوية على أنه معني بكل الإصلاحات التي يريدها الشباب, مستشار جلالة الملك قال للنقابات إن موجة إصلاحات ستعرف طريقها إلى المغرب, الأحزاب السياسية انتفضت من صدمتها الأولى ومن نفاقها السياسي المعهود لكي تتبنى بشكل أو بآخر مطالب الشباب, الحكومة غيرت طريقة تواصلها مع الناس إن لم تكن قد غيرت طريقة عملها على الأقل, الإدارة المغربية الأقرب إلى المواطنين أي الشركة وغيرها من تمظهرات السلطة أصبحت أكثر انتباها لتعاملها مع خلق الله.
كل هذا وغيره من العلامات الدالة على أن رسالة 20 فبراير وصلت جزئيا, أمر طيب للغاية, لكن شبابنا يريد المزيد. أو للتدقيق أكثر هو يريد جعل هذه الإصلاحات أمرا واقعا لن يعود أبدا للارتفاع, عبر المرور إلى الإصلاح الدستوري والسياسي المنشود, وعبر جعل الانتخابات المقبلة ل2012 أول انتخابات يخوضها المغرب والمغاربة بأحزاب حقيقية, وبسياسيين حقيقيين, وبرغبة حقيقية في القطع مع الماضي, كل الماضي بشكل نهائي للغاية.
لن يستكثر أحد على شعبنا هذه المطالب, ولدينا في المغرب حظ جيد للغاية لأن أعلى السلطة مقتنع تمام الاقتناع بضرورة القيام بكل هذه الإصلاحات, لكن علينا فعلا أن نمر إلى مرحلة التطبيق. التردد أو أخذ الوقت الكافي وربما أكثر من الكافي من شأنه أن يعطي للشباب الإحساس فقط بأن ثمة تحايلا والتفافا على مطالبهم يلعب على الوقت, ويحاول العثور على التخريجات المناسبة لكل شيء. وهنا ينبغي أن نقولها كما هي: لقد تجاوزنا زمن التخريجات المعيبة, ووصلنا إلى زمن الإنصات لنبض الشارع وتنفيذ مايريده دونما إبطاء, خصوصا إذا التقى هذا الذي يريه الشارع بما تريده القيادة.
لا عذر لنا حينها في أي تأخر إضافي, سوى أننا نريد إقناع الشباب بأنهم غير مؤهلين لتقديم مطالب بهذا الحجم, وهذه مسألة لا يمكن القبول بها نهائيا. ولقد شاهدنا كيف ارتبكت كل الأحزاب السياسية من العدالة والتنمية إلى الاتحاد الاشتراكي إلى الاستقلال الحاكم, دون نسيان الأحزاب الأخرى بمن فيها "أحزاب بلعاني" جراء حركة 20 فبراير, وكيف فاجأ سقف المطالب التي نزلت إلى الشارع قيادات هذه الأحزاب التي ظلت متكئة لسنوات على توافقات جد محدودة يختزلها شعبنا في الحصول على مناصب الترضية لهذه الأحزاب ولقياداتها ولأبنائها مقابل الإبقاء على الوضع على ماهو عليه.
اليوم لدينا معطى جديد في الساحة, سواء اقتنعت هذه الأحزاب بضرورة الاعتراف به أم لا. لدينا شباب لارابط بينهم إلا الأنترنيت وحب المغرب, يضربون لأنفسهم الموعد تلو الموعد من أجل تغيير حال بلدهم, وينطلقون من مسلمة سهلة للغاية هي أن البلد ينتظر منهم أن يكونوا في الموعد, وهم قرروا أنهم لن يخلفوا أبدا هذا التاريخ.
البقية, مجرد تفاصيل قد نختلف وقد نتفق على بعضها, لكنها تظل شيئا نافلا لامعنى له وسط الحراك الشعبي والشبابي الكبير الذي يقع. ويؤسفنا هنا أن نخبر الأحزاب السياسية المغربية التي حاولت جر نفسها بشكل أو بآخر للحركة أن مطالب 20 مارس ستكون أعلى قليلا من مطالب 20 فبراير بكل بداهة, وأن من اعتقدوا أنهم ركبوا الحركة بعد مرور يومها وشذبوا مطالبهم لكي تصبح مشابهة بعض الشيء لمطالب الشباب, عليهم أن يبذلوا جهدا إضافيا لكي يلتحقوا بمطالب العشرين من الشهر الحالي. وهذه في حد ذاتها مزية جديدة تحسب للشباب, فقد دفعوا هؤلاء المترهلين السياسيين إلى بذل بعض الجهد في الإبداع السياسي بعد أن أصبح كل جهدهم في السنوات الأخيرة يسير نحو التخطيط لتوريث الأنجال المواقع الحزبية والسياسية.
على الأقل اليوم يجتمعون في اجتماعات حقيقية وصاخبة, ويكشفون أوراق بعضهم البعض, ويهددون بالانسحاب الكاذب من الحكومة, أو يعدون على عجل المذكرات الإصلاحية لكي لايطردهم شباب المغرب من مفكرته نهائيا هو الذي طردهم جزئيا منذ سنوات عديدة من تفكيره, واعتبرهم مجرد عالات سياسية ورثها من سنوات الرصاص ويجب عليه أن يجد طريقة ما للتخلص منهم إن آجلا أم عاجلا.
هذه الأيام التاريخية التي نحياها وهذا المنعطف الكبير الذي منحتنا الصدفة الرائعة فرصة عيشه مسألتان لاينبغي إطلاقا أن نخطئ طريقة التعامل معهما, لأننا لو فعلنا ذلك سنجد أنفسنا أمام أمور لاقبل لنا بها على الإطلاق في بلد مستعد للغاية لكي يتأرجح من الأمن الكامل إلى الفوضى الكاملة دون سابق إشعار أو إنذار. واليوم علينا جميعا أن نتذكر أن أمن البلد في أعناقنا, وأن إصلاحه بيدنا, وأن الموعد المضروب يوم 20 مارس لن يكون شبيها بموعد 20 فبراير إلا في بعض التفاصيل الصغيرة, الأهم سيكون بعمق أكبر بكل تأكيد, ومن يعش ير...
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
أهلنا في ليبيا يرددون كلاما خطيرا للغاية عن عدم وجود أي وسائل تواصل معهم في محنة حصارهم هناك, وجلهم يستنكرون حديث الرسميين عن تخصيص أرقام يتصل بها النازحون المغاربة, مثلما يستنكرون الدور الخفي جدا الذي تقوم به سفارتنا هناك.
أهلنا في ليبيا المحاصرين وأهلهم في المغرب يستحقون من وزارة خارجيتنا في هذه الأيام تجندا كاملا لئلا نتركهم هناك دون مساعدة ودون إحساس بأن البلد لن يتخلى عنهم مجددا بعد أن تخلى عنهم مرة أولى ودفعهم إلى الغربة واعتناق ذلها من أجل العيش الكريم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق