الاثنين، 7 فبراير 2011

الشعب مع الملك

هناك موضوع نحاذر جميعا من تلمسه هذه الأيام في بلدنا, محوره الأساس : هل سيقع لدينا في المغرب نحن أيضا ماوقع لدى التونسيين والمصريين؟ لحد الآن تمت ملامسة الموضوع بسطحية خرافية, إذ أن هناك جهتين تحاولان الاقتراب منه وفق مصلحتيهما معا. الجهة الأولى مأجورة من بعض نافذي الخارج الذين اختاروا لأنفسهم مسارا متفردا عن المسار العام للبلد منذ 1999, والجهة الثانية جهة مدافعة عن بقاء الوضع على ماهو عليه لأنها مستفيدة منه, و"أصحاب الحال" يطلبون منها أن تقول هذا الكلام الآن.
علينا أن نكون صرحاء جدا في هذه اللحظة العصيبة التي تمر منها المنطقة. الجهتان معا لاتمثلان الشعب المغربي. كل واحدة منهما تمثل نفسها "وبالسيف", مايعني أنهما معا غير مخولتين للحديث بسام شعبنا نهائيا, ومايفعلانه معا يشبه عملية سرقة الثورة التي تدور حاليا في تونس ومصر, مع فارق بسيط للغاية هو أننا نحن لم نبلغ بعد مرحلة الثورة, بل نحيا لحظة الخوف من عدواها فقط.
الجهة الأولى يعرفها الجميع وإن كانت الأغلبية تتحاشى الحديث عنها. جبهة داخلية خارجية تشكلت على امتداد العشرية الأخيرة, كانت في البدء أكثر المتحمسين لكل ماسيقع في البلد, وكانت تدفع في اتجاه إفهام شعبنا أن كل شيء على مايرام فقط لأنها كانت قريبة حينها من النظام, وكانت تنوي تصدر المشهد السياسي, وكانت ترى في نفسها أهلية قيادة ماسيقع في البلد من تطورات. هذه الفئة حين أحست بأن البساط سحب من تحت قدميها لجأت إلى النقيض الكامل لما كانت تقوله وتدعيه في البدء وأصبحت أشرس أعداء كل مايقع في المغرب من تطورات.
هناك فئة أخرى تحلقت حول إسم معين. هي تقول إنها ترفض عبادة الشخصية في المغرب, وتريد ملكية ديمقراطية حقيقية لكنها يف الوقت ذاته تتحلق حول شخصيتها الخاصة بها وتحلم بيوم لايشاطرها إياه الشعب المغربي نهائيا تستطيع أن تدفع بهذه الشخصية إلى مصاف أخرى غير مصاف الدراسة والبحث العلميين والإنسانيين في أمريكا والنواحي.
ثم هناك فئة ثالثة أضاعت مسارها السياسي كلها وبقيت على الهامش منذ البدء وحتى النهاية, وهذه الفئة لاتملك إلا معارضة كل شيء لأنها مستحيلة التموقع في أي إصلاح معقول في البلد, بسبب عدم قدرتها على مجاراة ماحمله العصر من متغيرات, وبسبب انعدام أي شعبية لها في المجتمع المغربي, وهي تلتقي في هذه النقطة بالتحديد (نقطة انعدام الشعبية مع الفئتين الساابقيتن: فئة الطماعة الذين انقلبوا وفلئة المتحلقين حول الشخصية إياها).
نأتي الآن إلى مكونات الجبهة الأخرى: فيها طبعا الخائفون على مصالحهم من مراكز قوى نافذة أكلت كل شيء في البلد في العقدين الأخيرين, وفيها الأحزاب السياسية التي لم تراهن يوما على الشعب وراهنت على الاقتراب من الماسكين بزمام السلطة باستمرار, وفيها العائلات المتنفذة التي تعتقد أن أي تغيير ديمقراطي كبير سيجلب عليها النقمة, وسيزيل عنها كل ما راكمته منذ عديد السنوات, وفيها المكلفون بمهمة الذين يقال لهم "دافعوا" دون أن يفهموا فينطلقون في الدفاع تماما مثل بلطجية الحزب الوطني في مصر مع فارق بسيط أيضا هو أن هؤلاء لن يستطيعوا في يوم من الأيام أن يمروا إلى الضرب بالحجارة والطوب لأنهم في الأصل وقبل وبعد كل الأشياء جبناء باالسليقة.
نأتي الآن إلى الجهة الثالثة بين الجهتين: الشعب المغرب. وهذه الجهة تنسى الفئة الأولى المنشغلة في صالوناتها الكبرى ونظرياتها الضخمة أن تتذكرها, مثلما ينسى المدافعون عن مصالحهم أن يلتفتوا جهتها, لذلك تظل وحيدة وغير مسموعة الصوت. والمفارقة هي أن هذه الجهة هي التي ينبغي أن ينصت إليها الجميع الآن في ظل كل هذا الذي يقع بيننا وأمام أعيننا الآن.
هذه الجهة في ظل عدم اكتراث المتقاتلين على مصالحهم بها, تجد أن الملاذ الوحيد المتبقي لها في البلد, دون أدنى نفاق هو الملك, وتفهم أن جلالته منذ لحظة البدء الأولى أتى لكي يصلح كل المصائب التي اقترفتها الجهتان معا على امتداد تاريخ المغرب, وعلى اختلاف الوجوه التي شكلت الضفتين معا. لذلك يضع الشعب المغربي اليوم كل رهانه على اللحمة الوحيدة الممكنة في البلد, تلك التي ستجمع الملك بشعبه في وجه كل الراغبين في الوصول إلى أهداف غير التي يعلنون عنها الآن وفي وجه الراغبين في إدامة زمن الأزمة أو الأزمات التي يحياها المغربي منذ سنوات.
الرهان الوحيد الذي يراهن عليه المغربي البسيط ليس رهانا على شخصية ما توزع المال يمنة ويسرة على الصحافيين وبعض الفاعلين المدنيين لكي يطبلوا لها ويخيفوا بها الماسكين بزمام الأمور, وليس رهانا على بقاء طبقة سياسية مترهلة أثبت الزمن أنها لم تعد تصلح لشيء.
رهان مغربنا اليوم هو على أن يستطيع شبابه إفراز قيادة جديدة من بين أوساطه, لاترتبط بأي أجندة كيفما كان نوعها اللهم الأجندة المغربية, وتلتقي برغبة الملك في مواصلة الإصلاح الكبير الذي بدأه منذ 1999, وهو إصلاح أضخم من كل الذي يجري في العالم العربي كله الآن. وهذا الالتقاء هو طريقتنا لقطع الطريق على كل من يحلمون لنا بمغرب آخر على مقاس طموحاتهم الشخصية هم فقط لاأقل ولا أكثر.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق

تحدث صلاح عيسى الكاتب الصحفي أول أمس عبر "الحياة" عن منطقي المشاركة والمغالبة في فكر الإخوان المسلمين على هامش الحديث الرائج اليوم عن إدماج هؤلاء بطريقة أو بأخرى في الحياة السياسية المصرية. عمرو أديب علق ساخرا على المشاركة وطلب ضمانات من الإخوان بأنهم لن يغيروا الشكل السياسي الذي قامت عليه جمهورية مصر العربية إنهم "مستعدون للقسم بالله الآن أن لايفعلوا شيئا من هذا, لكن بعد تمكنهم من الأمور, ستحدث بالتأكيد أمور".
المصريون يضعون اليد على القلب اليوم خوفا على أم الدنيا من أن تصبح أم الظلام. كان الله في عونهم وعونها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق