الجمعة، 5 نونبر 2010

aljazeera wa kabilatoha

قبيلة الجزيرة
عوض أن تفهم الخطأ أو الأخطاء التي ارتكبتها في علاقتها بالمغرب, وتقرر أن تراجع أداءها, وأن تبحث عن مكمن الخلل الذي جعل البلد الوحيد الذي فتح لها مكتبا فوق أرضه بعد الدوحة يقرر التراجع عن هذا القرار, لجأت قناة "الجزيرة" القطرية إلى قبيلتها الإعلامية هنا في المغرب لكي تطلب منها السند والعون في هذه المحنة التي تمر منها, واستجدت بيانات من جمعيات وهيئات لاوجود لها على أرض الواقع لكي تأكل بفمها الثوم, وتسب عبرها المغرب الذي "تجرأ" على "دولة الجزيرة" وقرر قطع العلاقات الديبلوماسية تلفزيونيا معها.
كنا ننتظر أن يشكل القرار صدمة للقناة القطرية, فتلتفت جهة مخالفيها والمعارضين تسألهم "إيش اللي صاير؟" لكن القناة أخذتها العزة بالإثم, وقررت أن تفتح الباب للأحباب والحواريين فقط, والهدف هو أن يقولوا عنها إنها "قناة ماجاد الزمن بمثلها من قبل", وأن "المغرب سيخسر الكثير بعد أن أقفل مكتب القناة في الرباط. وحقيقة لاأعرف ما الذي سيخسره المغرب من قناة كانت تستقبل الانفصاليين والإرهابيين ومسوغي التكفير والعدميين والراغبين في تصفية الحسابات العالقة مع بلدهم كل مرة, ولم تكن تفتح بابها للمحايدين الموضوعيين إلا بين فينة تحامل وأخرى فقط ذرا للرماد, ورغبة في إظهار نفسها بمظهر القناة المنفتحة على الجميع.
ولكم حزنت للموقف الذي وجد فيه زميلنا محمد العوني نفسه حين تركه مذيع الجزيرة يتحدث طويلا عن انتقاده للسلطات المغربية وقرارها, وحين أراد الزميل أن يتحدث عن الجزيرة وعن انتقاد المجتمع المغربي لها فوجئ بالمذيع يقول له "أدركنا الوقت, شكرا لك". الوقت أدرك علاقة القناة بالمغرب منذ زمن سحيق, والقرار الأخير لوزارة الاتصال كان ضروريا لا تبريرا لقمع نحن نرفضه مبدئيا, ولكن إلزاما لهؤلاء لكي ينصتوا لصوت المغرب.
لاتهمني هنا الرواية الرسمية, ولست متبنيا لها ولاعلاقة لي بها. أنا أعرف بلدي وصورة بلدي, وأعرف أنه من العيب أن يتم تقديم المغرب على قدم المساواة مع جبهة البوليساريو. أعرف بلدي وأعرف صورة بلدي, وأعرف أنه من العيب أن يتم تقديم الجزائر باعتبارها بلدا لامشاكل فيه هي وليبيا وقطر وسوريا وأن يتحول المغرب إلى جهنم العالم العربي اليوم. أعرف بلدي وصورة بلدي, وأعرف أنه من العيب أن يتحدث نظام حمد الذي أطاح بوالده من الحكم عن التجربة الديمقراطية في المغرب وأن تقوم الجزيرة يوميا بالتنقيط لنا "حسن, مستحسن, لابأس به, يستطيع تقديم الأفضل, كسول بزاف".
غير معقول, وشيء يدخل في إطار السوريالية أن تلقننا ديرة قطر عبر لسانها الإعلامي الطويل دروسا في الديمقراطية. وشيء أكثر من مخجل أن يتحدث عبد القادر الخروبي مدير مكتب الجزيرة المقفل في الرباط عن "ضرورة أن يؤهل المغرب تلفزيونه العمومي لمواجهة التحديات الخارجية", أولا لأن الصحافي الفلسطيني البريطاني, يعرف جيدا أنه لايستطيع قول الكلام ذاته لا عن تلفزيون دولة قطر العمومي, ولا حتى عن تلفزيون السلطة الفلسطينية المسكينة, وثانيا لأننا وصلنا حدا من الهوان _ بسبب مسؤولينا الإعلاميين _ جعل أناسا منتمين لدول وأنظمة غاية في التخلف تلقن المغرب الكبير, والكائن منذ قديم العصور هذه الدروس المخجلة في الإعلام وفي التلفزيون.
لذلك أقولها وأكررها: المغرب أحسن بإقفال قناة الجزيرة في الرباط, وهو يستطيع اليوم أن يناقش القناة من موقع قوة, أن يقول لها "مرحبا بك متى أردت ذلك لأننا البلد الوحيد الذي يستطيع في العالم العربي تقبل كل الحماقات التي قد ترتكبينها, شرط أن تمتلكي القدرة على مراجعة بعض حماقاتك المبالغ فيها". ومن هنا لاأرى عيبا في القرار. بالعكس هو أصلح خطأ جعل الإخوة في قطر يعتقدون أننا دولة دون سيادة, وبلد دون بواب وبيت بلا رب يحميه, ماشجعهم على المضي قدما في رداءات وصلت حدها الأخير مع استعراض البوليساريو, وقضية ولد سيدي مولود, وتقرير هيومان رايتس واتش.
لذلك أيضا على قبيلة الجزيرة هنا أن تتعفف قليلا في المديح, وأن تضع في اعتبارها أن مراعاة بلدها وصورة بلدها هي أهم بكثير من ترك وشائج العلاقة ممتدة مع اللسان القطري السليط. فاستقبال لمدة ساعة ونصف أو أقل أو أكثر مقابل بعض الدولارات على شاشة "القناة الأكثر جماهيرية في العالم العربي" لايساوي إطلاقا الإحساس الداخلي الذي سيساور الإنسان بأنه يلعب لعبة الأجانب ببلده, وهذه مسألة لا فارق بينها وبين العمالة إلا في بعض التفاصيل الصغيرة والقليلة.
رجاء, تذكروا فقط أنكم تنتمون للمغرب قبل أن تخرج الجزيرة سنة 1996 إلى حيز الوجود. "عقلوا غير على هادي", فقط لاغير.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
الطريقة الوحيدة التي يمكن أن ينجح بها برنامج "شباب في الواجهة" الجديد الذي تقترحه القناة الأولى علينا هو أن يتخلى الشباب من المنتسبين للأحزاب الذين يحضرون البرنامج عن تقليد أسلافهم, وأن يتحدثوا لغة شباب اليوم. أما إذا كان مدعوو البرنامج سيتحدثون لغة الكبار, وسينسجون على منوالهم, فالمشاهد سيتعامل معهم كما يتعامل مع الكبار: أي بالهجر وإدارة الظهر لهم.
كما أن تلك العربية الفصحى المبالغ فيها التي يريد الجميع الحديث بها تطرح السؤال حقا: هل نريد الوصول إلى الناس بهذه البرامج أم نريد البقاء بيننا فقط دون اكتراث بشعبنا؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق