الأحد، 3 أبريل 2011

خارجين ماخارجينش؟

هل يخرج المغرب غدا الأحد للتظاهر مجددا؟ السؤال مطروح في البلد اليوم والعديدون يفضلون عدم الإجابة عليه, وترك الشارع يفعل مايشاء. لذلك يحسن فعلا طرح السؤال بصوت مرتفع, والبحث له عن إجابات قد تفي بالغرض.
البعض يقول اليوم إن الخروج إلى الشارع أصبح غير ذا معنى. الملك تقدم بخطاب جريء جدا إلى الشعب, والخطوات الإصلاحية سائرة في طريقها, وبالتالي لا حاجة للنزول كل أحد للضغط لأن الأمر سيشبه في نهاية المطاف لعبا صبيانيا لا حاجة لنا به, كما أن اللعبة كلها في الختام تخدم مصالح متطرفين لايريدون الإصلاح ولكن يريدون أشياء أخرى لا يستطيعون التعبير عنها حاليا بالشكل المعلن الكامل.
رأي يحترم ولو أنه مهلهل في الحقيقة ولا يستند إلى أي أساس. النزول إلى الشارع اليوم أصبح أكثر حاجة من ذي قبل, فبعد الخطاب الملكي الذي حدد أنه لاسقف لكل الإصلاحات التي ستأتي بها لجنة مراجعة الدستور اكتشفنا أن الفرامل توضع من طرف أناس آخرين كان يفترض فيهم أن يقودوا التغيير لا أن يشرعوا من الآن في وضع العراقيل المختلفة أمامه.
هناك اليوم من يريد أن يضع سلطة العلماء فوق كل السلط في المغرب. هناك من يقول لا مساس بالملكية ولو على جثثنا, ولا حاجة لأي تغيير نحو ملكية برلمانية. هناك من يصرخ بأعلى صوته "الملك يجب أن يسود ويحكم, ومن يريدون سلبه كل اختصاصاته يسعون لأشياء أخرى", وهناك من يجلس في الظل ويقول علينا أن ندستر هيئة للعلماء نجعلها قادرة على تناول الكلمة الفصل في كل قضايا المغاربة في الختام.
أقوال كثيرة من حق كل مقتنع بها أن يطرحها في الساحة اليوم, لكنها كلها تجبرنا على ملاحزة أمر هام للغاية: العراقيل هذه المرة لن تأتي من الدولة ولكنها ستأتي من الجهات المحافظة كلها التي تريد الإبقاء على مصالحها بأي ثمن كان. في النهاية سنجد أنفسنا أمام مسلسل "مدونة الأسرة وإصلاحها" الذي انتهى تلك النهاية السخيفة, بإفراغ المشروع الثوري الأول من كل مضامينه, والتحول من خلال التوافق إلى الخلف, وترك كل المضامين التي حملتها المدونة أول الأمر على الرف.
الخشية اليوم مع "فالس" الأحزاب المغربية, ومع الأصوات المحافظة التي خافت على مصيرها والتي لم تعد تتردد في التعبير عن معارضتها لكثير من أشكال التغيير المرتقبة, هي أن يكون دستورنا الجديد مجرد فأر يتمخض عنه جبل كل هذا الكلام الذي نسمعه الآن. لذلك نحتاج اليوم وأكثر من أي وقت مضى لسماع ذلك الصوت الأول الذي دفع نحو كل هذا الضجيجو صوت الشارع.
يجب أن يبقى الصغار والكبار محافزين على طقس النزول الأسبوعي لكي يفهم كل من يهمهم الأمر أن صوت الشباب الذي ارتفع أولا مطالبا بالحرية والإصلاح لازال حاضرا ولا زال قادرا متى بدا له أن هناك رغبة في التمييع أو خلط الأوراق أو ربح الوقت, أو التوجه نحو النقيض مما طالب به الشارع المغربي, أن يصرخ بصوت أعلى من الصوت الأول, وأن يوضح لمن شاء ذلك أن هناك خيارات أخرى أمام الشارع, تماما مثلما توجد نفس الخيارات أمام الساسة.
لماذا نقولها هكذا وبكل صراحة؟ لأننا نسمع وسط الشارع صوت الشباب الخائف من إعادة المقلب السخيف الذي شربته أجيال من المغاربة على أيدي هؤلاء الساسة منذ الاستقلال وحتى الآن. "الدراري" يرفضون أن يجعلوها تمر عليهم مرة أخرى, وهم مستعدون لكل الأشكال النضالية المتاحة لكي يفهموا ساسة المغرب أن المسألة جيدة هذه المرة ولا تقبل أي لعب على عامل الزمن, ولا تتحمل أي توافق من التوافقات الزائفة التي قتلت الفعل السياسي المحلي وأفرغته من أي جدية, وجعلته بالنسبة للناس مجرد مرادف للانتهازية وتحقيق المطالب الشخصية والعائلية لمجموعة من الذين يعتبرون أنفسهم أذكى من بقية الخلق.
سيقول القائل إن العدل والإحسان تنزل مع النازلين إلى الشارع, وأنها تحشد قوتها داخل الوقفات والمسيرات, وتستعيد كل ماضاع منها في السنوات الأخرى. سيكون الرد واضحا على من يقول هذا الكلام: مادام العدليون ينزلون إلى الشارع ضمن مظاهرات فبراير بصفتهم مواطنين مغاربة يريدون الإصلاحو فلايمكن لأي منا أن يمنعهم, أو يقول لهم لا. من سيقوم بهذا الأمر سيكون أبعد خلق الله عن الديمقراطية, وماعلى الفرقاء السياسيين الآخرين إلا أن ينافسوا العدل والإحسان في استقطاب الناس عوض الاكتفاء بسبها "النهار وماطال", لأن السب والشتم لن يفلحا أبدا في حل أي إشكال.
معركة المغرب الكبرى اليوم هي ضد الفساد من أجل الحرية. ولا ينبغي على أي كان أن يتخيل أن الحرية تصلح لفئة دون بقية الفئات. الحرية تصلح لكل الآدميين وفعل المواطنة _ في انتظار ظهور دليل يثبت العكس _ هو من حق كل من يحملون الجنسية المغربية, بملامحها المختلطة الشهيرة, بلكناتها المختلفة, بلغاتها المحلية الموغلة في الانتماء إلى الأرض, بتصوراتها المتباينة للدين والحياة, وبكل ما صنع الإنسان في هذا البراح الجغرافي الذي يمتح عبقريته من كل هذا الاختلاف.
على الأقل هذا ما أفهمه اليوم من فبراير وماتلاها. البقية مجرد تفاصيل لاتعنيني كثيرا, قد يأتي أوان الوقوف عندها بعد هذاالزمن بكثير أو بقليل.
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
نلتقي الإثنين في حلة جديدة, وإخراج جديد لجريدتكم "الأحداث المغربية". كتابة صحفية بأسلوب مغاير, أبواب جديدة ومبتكرة, عودة لبعض الأبواب التي صنعت مجد الجريدة وإقبال القراء عليها, وشعار اخترناه لكي يكون بوابتنا نحو الشكل الجديد: المغرب يتغير...الأحداث المغربية أيضا".
نرى أنه من العيب أن نظل على الحال ذاته وبلد بأكمله يدخل من الباب الكبير للتغيير, ونتمنى أن يكون كل ماهيأناه لكم على امتداد شهور قادرا على نيل رضاكم وإعجابكم خصوصا وأننا لازلنا على اعتقادنا أن القارئ المغربي يستحق بالفعل ماهو أفضل من الموجود حاليا في السوق. نلتقي الإثنين, وبعدها مرحبا بكل ملاحظاتكم على الشكل الجديد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق