الأربعاء، 27 أبريل 2011

بزيز ونبيل

مسألتان لابد من التنديد بهما وقعتا معا في نفس اليوم, أي الأحد الفارط, وفي نفس المناسبة أي تظاهرات 24 أبريل, لكن من طرف جهتين مختلفتين, معا تظلان مجهولتين وإن كانت الدلائل والمؤشرات معا واضحة على من يقف وراءهما. لاتهمنا هنا هذه الجهة التي وقفت وراء الحدثين بقدر مايهمنا التنديد بما فعلته, وإبلاغهما معا أن رسالتهما ضلت الطريق وأنها لاتعني المغاربة لا من قريب ولا من بعيد.
الحدث الأول مس الفنان الساخر أحمد السنوسي "بزيز", ونورده هنا مثلما حكاه أحمد لكاتب هذه السطور بالحرف "ونحن منشغلون في التظاهر ضمن المسيرة السلمية ليوم الأحد 24 أبريل, فوجئت باحتكاك غريب من طرف أشخاص مريبي الهيئة, سمعت بعض السباب والشتائم لكنني لم ألتفت إطلاقا وواصلت التظاهر لعلمي أن هناك العديدين ممن يرغبون في الصيد في الماء العكر هذه الأيام.
بعد مدة يسيرة من الزمن سمعت أحد هؤلاء الأشخاص يقول لي "رد غير الكريمة اللي عطاوك", التفت جهته لكي أقول له إن كل من يعرفونني يعرفون جيدا أنني لا أتوفر لا على كريمة ولا على أي رخصة أو ماشابه وأن هذه القصة قديمة وسبق لي أن فندتها مرارا وتكرارا كلما تم استلالها من الرف للرد على مطالبتي السلمية بتمكيني من حقي في ممارسة فني دون أي مضايقات".
يواصل الفنان السنوسي السرد ويقول "فوجئت بتصعيد في كلام الأشخاص الذين كانوا يتعمدون الاقتراب والابتعاد مني في المظاهرة وهدفهم كان هو استفزازي بشكل واضح ودفعي إلى اتخاذ موقف متطرف ما لكي يتم استغلاله ضدي. هذه المرة كانت الإشارات واضحة, أحدهم اقترب مني وبلهجة لاتقبل أي شك أو جدل قال لي "يلا بقيتي كتخرج فهاد المظاهراتة راك غادي تموت". سارع الشباب المحيطون بي من حركة 20 فبراير إلى ملاحقة قائل تلك الكلمات وظهرت لنا في محفظته التي كان يحملها سكين لم يستطع أن يخفيها بسبب خوفه من رد فعل المتظاهرين. غاب المهدد وسط الزحام, وانتهى الموضوع أو كاد أن ينتهي لأنني أعرف أن الرسالة كانت موجهة لي لكي أتوقف عن مساندة هذه الحركة الشبابية المباركة, لكنني أرد بالقول إنني متشبث بحقي في التظاهر سلميا رفقة أبناء شعبي الذين تضامنت مع طبقاتهم المسحوقة قبل هذا الزمن بكثير, وإن كنت أحمل المسؤولين اليوم مسؤولية أي شيء يمس حياتي الشخصية التي أصبحت أخشى عليها تماما مثلما أخشى على حياة إبنتي خيرة"
السنوسي يختم كلامه بالقول "أنا مستعد مرة أخرى لتوضيح مسألة الكريمة هاته التي نلناها ونحن ثنائي رفقة الحسين بنياز والتي تنازلت عنها منذ إثني عشر سنة ولم أتقاض منذ ذلك الحين درهما واحدا منها, كما أنني أكتري منزلا وسط الدار البيضاء أنا مستعد لإظهار وصل أداء واجب كرائه الشهري لكل من يرغب في ذلك فقط لكي تنتهي هذه الحكاية السخيفة التي يبدو واضحا من يقف وراءها ولماذا يتم استلالها كل مرة لتهديدي بها".
انتهى حادث بزيز في البيضاء, ولننتقل إلى الحادث الذي مس الزميل نبيل البردعي من القناة الثانية, أثناء تصويره لمسيرة الرباط. بعض المتظاهرين, وأنا أجزم أنهم ليسوا من روح 20 فبراير التي تحمي أرواح وممتلكات الناس والتي تتظاهر سلميا وحضاريا لإيصال مطالبها, حاصروا كاميرامان القناة الثانية, وتطاولوا عليه بالسب بل وباللمس الجسدي الذي كاد يتطور لما لا تحمد عقباه, علما أن زميلنا نبيل كان يمارس مهمته فقط, والاعتداء على الصحافيين هو همجية غير مقبولة سواء جاء الأمر من والي أمن البيضاء في 13 مارس وقد أدنا المسألة في حينها أو جاء على يد منتسبين (حقيقيين أو مزورين) لحركة 20 فبراير, وهانحن ندينها مرة أخرى وبكل القوة الممكنة.
شيء واحد نقوله للجهتين اللتان تورطتا في الفعلين الهمجيين ليوم الأحد الفارط ضد بزيز وضد نبيل: اللعب بالنار الذي يمارسه البعض, قد يوصلنا إلى أشياء لاقبل لنا بها, ونتصور أننا "حلوين كده" مثلما يقول المصريون, نخرج إلى الشارع نتظاهر دون أن يمسنا أحد, هذا بالنسبة لجهة, ونخرج إلى الشارع ولا نرفع أي شعار أحمق أو خارج عن السياق, وهذا للجهة الثانية.
رجاء ارحمونا من تقليد غباء الشرقيين, وارحمونا من يوم نراه بأعيننا إذا استمر هذا الهراء في تكرار نفسه, تصل فيه حركة 20 فبراير إلى إقرار قانونها الخاص في الشارع وهي مسألة لا حق لها فيها نهائيا, وتصل فيه الدولة إلى فرض حظر التجول علينا أو حرماننا من التظاهر وهذه أيضا لاحق لها فيها.
نعتقد أننا جميعا نعرف المآل إذا ماوصلنا إلى نقطة اللاعودة هاته, لذلك لابأس من بعض التهويل لأحداث قد تبدو بسيطة اليوم, "االلهم التهويل ولا نتسناو حتى تطيح الروح ونوليو فشي طاب وشي باقي خضر".
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق
مثلما وقع يوم الأربعاء قبل الفارط في برنامج "مباشرة معكم" حول الأمازيغية الذي تحول إلى حلبة صراع لم يستفد منها المشاهد شيئا, لم يستطع الحاضرون لبرنامج "قضايا وآراء" الذي ناقش القضاء في المغرب يوم الثلاثاء الفارط أن يمنحوا المشاهد فرصة التقاط مايريدون قوله, إذ بادر كل منهم للدفاع عن موقفه أو موقف "جماعته" وتكررت مصطلحات لم يفقه منها المشاهد شيئا على ألسنتهم بشكل غريب, وبقي سؤال استقلالية القضاء الفعلية وإصلاحه رهين "الغوات" الذي شاهدناه, ورهين الحسابات الضيقة التي تحكمت في أكثر من كلمة وجملة خلال ذلك اللقاء. ما أصعب مهمة الحوار والإصلاح في هذا البلد فعلا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق