الأربعاء، 1 غشت 2012

الرجا فالله

إيوا شفتي دابا اللي مابغيناش؟ المغاربة أرادوا أن يستمتعوا قليلا مع البارصا, "ندماتهم", وخلقت حالة من السخرية لم يسبق لها ان اجتمعت في لحظة واحدة في تاريخ المغرب مثلما اجتمعت عقب لقاء برشلونة والرجاء بثمانية أهداف لصفر. قال القائل إن الرجاء ستغير إسمها لكي يصبح من الآن فصاعدا "الرجا فالله" دلالة العجز الكبير أمام الطاحونة الكاتالانية. وقال القائل الثاني إن "حسن الحظ هو الذي جعلنا نلاعب البارصا يوم ثامن رمضان فانتهت المباراة بثمانية أهداف أما لو لاعبنا ميسي ورفاقه يوم 29 رمضان لانتهت النتيجة بتسعة وعشرين هدفا كانت ممكنة بكل تأكيد". أما القائل الثالث فعدد أسماء كل الذين لم يحضروا من نجوم البارصا من تشافي إلى إنييستا مرورا بفالديز وبيكي وبيدرو وسيرجي, قبل أن يتساءل عن النتيجة لو أتت الأرمادا الكاتالانية بأكملها. المهم, الكل قال إلى الدرجة التي شعر فيها المشجع الرجاوي أنه لوحده في البلاد, وأحس بغير قليل من الغصة وهو يرى تكالب الجميع عليه من أجل الضحك منه ومن النتيجة التي حققها فريقه, علما أن المسألة في الختام عادلة, لأن اختيار الرجاء لملاعبة البارصا تم دون أي معايير واضحة اللهم العلاقات الشخصية التي حددت هوية الفريق الذي سيحظى بشرف اللعب أمام ميسي ورفاقه قبل أن يصبح هذا الشرف تهمة فعلية بعد النتيجة الثقيلة والمخجلة والتي لاينبغي أن تنسينا على كل حال أن الأمر يتعلق بلقاء ودي أولا وآخرا. الأساسي من كل ماوقع هو أننا اكتشفنا بأن رمضان في المغرب قد يكون حافلا بالسخرية والضحك, عكس مايقنعنا به تلفزيوننا, بعد أن تفتقت عبقرية المغاربة الضاحكة عن كثير النكت والنوادر بخصوص اللقاء, مثلما اكتشفنا أننا يجب أن نحسب من الآن فصاعدا بعض خطواتنا قبل الارتماء فيها دون أدنى تفكير. ذلك أن السؤال الذي يطرحه أي رجاوي اليوم, ومعه أي مغربي هو : ما هي الاستفادة التي استفدناها من لقاء البارصا؟ طبعا هناك الإشعاع العالمي لحضور فريق من هذا الطراز إلى بلدنا, لكن على المستوى الرياضي ما الاستفادة؟ وما الربح؟ في الحقيقة لا وجود إلا للخسارات تلو الخسارات. الخسارة الأولى رقمية من خلال النتيجة التي دخلت كتاب غينيس للأرقام القياسية والتي فقد بموجبها الرجاء لقبه كفريق عالمي, بعد أن بدا هزيلا للغاية, بل وغائبا تماما, غير قادر حتى على رص صفوف دفاعه من أجل تفادي المزيد من الأهداف. الخسارة الثانية نفسية للفريق الأخضر الذي يؤسس لفريق كبير على المستوى المحلي والقاري, واشتغل طيلة فصل الصيف على اشتراء كل اللاعبين القابلين للبيع والشراء, وكان يفترض أن يبدأ تحضيراته للموسم بلقاءات ترفع روح لاعبيه وجمهوره المعنوية, لا بلقاء يدك الحصون الرجاوية, ويوجه ضربة قاتلة فعلا لمعنويات اللاعبين الذين فهموا أن الكرة التي يلعبونها شيء, وأن الكرة التي تلعب في بقية أنحاء العالم شيء آخر. لكن وبغض النظر عن هاته الخسارات المتتالية التي يمكن أن نضيف إليها الخسارة الفرجوية بعد أن عجزت الشركة التي نظمت اللقاء عن ملء مدرجات ملعب طنجة الجديد, رغم أن ماراج في البدء هو أن المباراة ستلعب بشبابيك مغلقة, وهي مسألة اتضح كذبها تماما, تبقى الاستفادة الكبرى التي حققناها جميعا من مباراة البارصا والرجاء هي استفادة فهم مستوانا, نحن الذين تعود إعلامنا الرسمي على أن يكذب علينا ويبيعنا أوهاما لانعرف من أين يأتي بها عن أمجاد كرة القدم الوطنية, وعن إنجازات وهمية حققناها, لا نعرف لها تاريخا ولا نعرف لها حقيقة من خيال. يقال لنا عادة إننا سجلنا في مرمى ألمانيا في مونديال 1970, وأننا فزنا على البرتغال في مونديال 1986, وفزنا على سكوتلندا في مونديال 1998, وأننا _ باش نكملو الباهية _ تعادلنا في اللقاء الأخير من كأس إفريقيا بإثيوبيا سنة 1976, ومن ثمة فزنا بالكأس القارية الوحيدة التي توجد لدينا. هذه ليست إنجازات. هذه كذبة كبرى نرددها على أسماع بعضنا البعض لكي نقنع أنفسنا بغير الواقع. حقيقتنا الكروية هي مارأيناه يوم السبت الماضي, وإذا ماأرادت الكرة المغربية يوما تحركا في اتجاه ما علينا أن نقنع أنفسنا أننا "عمرنا مادرنا شي حاجة عليها القيمة في هذا المجال", وأننا ملزمون بالبدء من الأسفل والعمل بجد كبير إذا ما أردنا تحقيق أي شيء. "مابغيناش", من حقنا أن نواصل زراعة الوهم بيننا, لكن علينا ألا نصدم كثيرا حين تأتي فرق حقيقية إلى بلادنا وتهزم "أفضل فرقنا" بالثمانية وتمضي لحال سبيلها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق